قال الامام علي (ع):
«جَعَلَ لَكُمْ أسْمَاعاً لِتَعِيَ مَا عَنَاهَا، وَأَبْصَاراً لِتَجْلُوَ عَنْ عَشَاهَا، وَأَشْلاَءً جَامِعَةً لأَعْضَائِهَا، مُلاَئِمَةً لأَحْنَائِهَا في تَرْكِيبِ صُوَرِهَا، وَمُدَدِ عُمُرِهَا، بِأَبْدَان قَائِمَة بِأَرْفَاقِهَا، وَقُلُوب رائِدَة لاِرْزَاقِهَا، فِي مُجَلِّلاَتِ نِعَمِهِ، وَمُوجِبَاتِ مِنَنِهِ، وَحَوَاجِزِ عَافِيَتِهِ. وَقَدَّرَ لَكُمْ أَعْمَاراً سَتَرَهَا عَنْكُمْ».
تناول الإمام (ع) في هذا المقطع حديثاً موجزاً جامعاً عن خلق الإنسان وطرفاً من أعضائه وقواه مذكراً بوظائفها التي خلقت وأودعت من أجله.
أ- السمع، ب- البصر، جـ- الأشلاء الجامعة للأعضاء، وهو هنا الجسد، د- البدن، هـ- القلب.
فهذه من أجزاء تركيبة الإنسان وتشكله في جوارحه وقواه.
والسمع والبصر طريقان للعلم، وقد أريد لهما أن يدرك بهما: وعي ما عنى، وجلاء ما عشى.
والهيكل البديع العجيب قد أحكم تركيبه ونفخت فيه القدرة ليقوم بأعماله جالباً لمنافعه ودافعاً لمضاره. ولئن أودعت القوة في حاستي السمع والبصر وفي بقية الحواس كافة والبدن فلا غنى لها عن رائد يسوسها ويقوم بتوجيهها وذلك هو: القلب.
وأفاض الإمام (عليه السلام) بعد هذا في التذكير والاعتبار والتأمل في تاريخ الأمم السالفة والأقربين الأدنين من الأهل في تقلبات العمر وتبدل القوى وتفاوت الأحوال والأوضاع.
وقال (عليه السلام): «ثُمَّ مَنَحَهُ قَلْباً حَافِظاً، وَلِساناً لاَفِظاً، وَبَصَراً لاَحِظاً، لِيَفْهَمَ مُعْتَبِراً، وَيُقَصِّرَ مزدجراً ».
«وَمَا كُلُّ ذِي قَلْبٍ بَلَبِيب، وَلاَ كُلُّ ذِي سَمْعٍ بِسَمِيع، وَلاَ كُلُّ ذِي نَاظِرٍ بِبَصِير».
«وَالنّاظِرُ بِالْقَلْبِ، الْعَامِلُ بِالْبَصَرِ، يَكُونُ مُبْتَدَأُ عَمَلِهِ أَنْ يَعْلَمَ: أَعَمَلُهُ عَلَيْهِ أَمْ لَهُ؟! فَإِنْ كَانَ لَهُ مَضَى فِيهِ، وَإِنْ كَانَ عَليْهِ وَقَفَ عِنْدَهُ».
«وإِنَّما الأَجْرُ في القَوْلِ بالْلِسانِ والعَمَلِ بِالأَيْدِي والأَقْدَامِ».
«أَوْضَعُ العِلْمِ ما وُقِفَ على الْلِسانِ، وأَرْفَعُهُ ما ظَهَرَ في الجَوَارِحِ والأَرْكانِ».
والأركان هي أعضاء البدن الرئيسة.