كلام الامام عليّ (عليه السلام) في الربوبية

2024.01.06 - 11:29
Facebook Share
طباعة

  إن أسلوب أمير المؤمنين (عليه السلام) في التنزيه فريد عميق، فيه فلسفة عباديّة تعدّ مدرسة قائمةً بذاتها، لا يدانيها أوقال، ولا ترتقي لها عبادات. قال أمير المؤمنين (عليه السلام)، في مناجاة الله، الحمد لله الذي كان في باطن كل أمرٍ خفي، إنّما مع ذلك دلّ على ظهوره كلّ المعالم الواضحة في خلقه، لا يُمكن أن يُرى، ولكم مع ذلك لا تُنكره عين من لا يراه، ولا يستطيع قلب أن يتصوّره، أعلى من كلّ شيء من دون ابتعاد، وأقرب من كلّ شيء من دون تواجد، لم يطلع أحداً على صفاته، ولم يحجبها على من يريد أن يعبده بها، وهو الذي يشهد بربوبيّته كلّ خلقه، تعالى عن كلّ تشبيه، وكلّ جحود ونكران:

"الْحَمْدُ للهِ الَّذِي بَطَنَ خَفِيَّاتِ الاْمُورِ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ أَعْلاَمُ الظُّهُورِ، وَامْتَنَعَ عَلَى عَيْنِ الْبَصِيرِ؛ فَلاَ عَيْنُ مَنْ لَمْ يَرَهُ تُنْكِرُهُ، وَلاَ قَلْبُ مَنْ أَثْبَتَهُ يُبْصِرُهُ، سَبَقَ فِي الْعُلُوِّ فَلاَ شَيءَ أَعْلَى مِنْهُ، وَقَرُبَ فِي الدُّنُوِّ فَلاَ شَيْءَ أَقْرَبُ مِنْهُ، فَلاَ اسْتِعْلاَؤُهُ بِاعَدَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَلاَ قُرْبُهُ سَاوَاهُمْ في المَكَانِ بِهِ، لَمْ يُطْلِعِ الْعُقُولَ عَلَى تَحْدِيدِ صِفَتِهِ، ولَمْ يَحْجُبْهَا عَنْ وَاجِبِ مَعْرِفِتِهِ، فَهُوَ الَّذِي تَشْهَدُ لَهُ أَعْلاَمُ الْوُجُودِ، عَلَى إِقْرَارِ قَلْبِ ذِي الْجُحُودِ، تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقولُ الْمُشَبِّهُونَ بِهِ وَالْجَاحِدُونَ لَهُ عُلوّاً كَبِيراً"([1]).


[1] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٢١٦.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى