الثقافة في كلام الامام علي (ع)

2023.12.26 - 10:43
Facebook Share
طباعة

  - قَالَ (عليه السلام)، يعلّم النّاس عن كيفيّة التّعامل مع الدنيا ونزواتها:

"مَرَارَةُ الدُّنْيَا حَلَاوَةُ الْآخِرَةِ، وَحَلَاوَةُ الدُّنْيَا مَرَارَةُ الْآخِرَةِ"([1]).
- وَقَالَ (عليه السلام) في أركان الدّين، وأسباب الحدود، ولزوم القصاص، وأمارات الإسلام:
"فَرَضَ اللَّهُ الْإِيمَانَ تَطْهِيراً مِنَ الشِّرْكِ، وَالصَّلَاةَ تَنْزِيهاً عَنِ الْكِبْرِ، وَالزَّكَاةَ تَسْبِيباً لِلرِّزْقِ، وَالصِّيَامَ ابْتِلَاءً لِإِخْلَاصِ الْخَلْقِ، وَالْحَجَّ تَقْرِبَةً لِلدِّينِ، وَالْجِهَادَ عِزّاً لِلْإِسْلَامِ، وَالْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعَوَامِّ([2])، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ رَدْعاً لِلسُّفَهَاءِ، وَصِلَةَ الرَّحِمِ مَنْمَاةً لِلْعَدَدِ، وَالْقِصَاصَ حَقْناً لِلدِّمَاءِ، وَإِقَامَةَ الْحُدُودِ إِعْظَاماً لِلْمَحَارِمِ، وَتَرْكَ شُرْبِ الْخَمْرِ تَحْصِيناً لِلْعَقْلِ، وَمُجَانَبَةَ السَّرِقَةِ إِيجَاباً لِلْعِفَّةِ، وَتَرْكَ الزِّنَى تَحْصِيناً لِلنَّسَبِ، وَتَرْكَ اللِّوَاطِ تَكْثِيراً لِلنَّسْلِ، وَالشَّهَادَة اسْتِظْهَاراً عَلَى الْمُجَاحَدَاتِ([3])، وَتَرْكَ الْكَذِبِ تَشْرِيفاً لِلصِّدْقِ، وَالسَّلَامَ أَمَاناً مِنَ الْمَخَاوِفِ، وَالْأَمَانَةَ نِظَاماً لِلْأُمَّةِ، وَالطَّاعَةَ تَعْظِيماً لِلْإِمَامَةِ"([4]).
- وَقال (عليه السلام) مشجّعاً على تحليف الظالم يمين البراءة، فإن هو حلفها، استوثق العقاب العاجل من الله تعالى، وإن هو تجنّبها فقد أثبت على حاله الذنب، فأرفقوا به لأنّه لم يرضَ أن يحلف بالله كاذباً:
"أَحْلِفُوا الظَّالِمَ إِذَا أَرَدْتُمْ يَمِينَهُ بِأَنَّهُ بَرِي‏ءٌ مِنْ حَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا حَلَفَ بِهَا كَاذِباً عُوجِلَ الْعُقُوبَةَ، وَإِذَا حَلَفَ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَمْ يُعَاجَلْ لِأَنَّهُ قَدْ وَحَّدَ اللَّهَ تَعَالَى"([5]).
- وَقَالَ (عليه السلام)، يعلّم ابن آدم ببلاغة ما بعدها بلاغة، وحكمةٍ ما بعدها حكمة، أن يوصي لنفسه بعد موته، فكيف يستطيع الإنسان ذلك؟ بأن يستثمر ماله في أشياء تجلب له الخير في حياته، ومماته:
"يَا ابْنَ آدَمَ كُنْ وَصِيَّ نَفْسِكَ فِي مَالِكَ وَاعْمَلْ فِيهِ مَا تُؤْثِرُ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ مِنْ بَعْدِكَ"([6]).
- وَقَالَ (عليه السلام)، الحدّة والغضب هي جنون مؤقّت، فما يصنعه الإنسان ساعة غضبه، سيندم عليه حتماً، لأنّه فعله في ساعة غياب عقل، فإمّا إن كان لا يندم على ذلك، فمعناه أن صاحب الحدّة هذا مجنون دائماً:
"الْحِدَّةُ ضَرْبٌ مِنَ الْجُنُونِ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَنْدَمُ فَإِنْ لَمْ يَنْدَمْ فَجُنُونُهُ مُسْتَحْكِمٌ"([7]).
- قَالَ (عليه السلام)، أنّ ترك الحسد يورث الصّحة في الجسد، لأنّ من حمل هذه الآفة في عقله وباله، لا بدّ أنها ستدمّر جسده رويداً رويداً لما يضمره صاحب الحسد من ضغائن لمن أنعم الله عليهم دونه، وهذا ما سيشغله أيضاً عن التحصيل والكسب، وسيفوّت عليه فرص الإنعام:
"صِحَّةُ الْجَسَدِ مِنْ قِلَّةِ الْحَسَدِ"([8]).
- وَقَالَ (عليه السلام): لِكُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ النَّخَعِيِّ:
"يَا كُمَيْلُ مُرْ أَهْلَكَ أَنْ يَرُوحُوا فِي كَسْبِ الْمَكَارِمِ، وَيُدْلِجُوا فِي حَاجَةِ مَنْ هُوَ نَائِمٌ، فَوَالَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ، مَا مِنْ أَحَدٍ أَوْدَعَ قَلْباً سُرُوراً، إِلَّا وَخَلَقَ اللَّهُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ السُّرُورِ لُطْفاً، فَإِذَا نَزَلَتْ بِهِ نَائِبَةٌ، جَرَى إِلَيْهَا كَالْمَاءِ فِي انْحِدَارِهِ حَتَّى يَطْرُدَهَا عَنْهُ، كَمَا تُطْرَدُ غَرِيبَةُ الْإِبِلِ"([9]).
- وَقَالَ (عليه السلام)، إذا افتقرت يا ابن آدم، وألمّت بك الضّائقة، فعليك بالتّجارة التي لن تبور، تصدّق يردّ لك الله إيّاها -كما وعد- أضعافاً مضاعفة:
"إِذَا أَمْلَقْتُمْ فَتَاجِرُوا اللَّهَ بِالصَّدَقَةِ"([10]).
- وَقَالَ (عليه السلام):
"الْوَفَاءُ لِأَهْلِ الْغَدْرِ غَدْرٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَالْغَدْرُ بِأَهْلِ الْغَدْرِ وَفَاءٌ عِنْدَ اللَّهِ"([11]).
- وَقَالَ (عليه السلام) لَمَّا بَلَغَهُ إِغَارَةُ أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْأَنْبَار،ِ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ مَاشِياً حَتَّى أَتَى النُّخَيْلَةَ وَأَدْرَكَهُ النَّاسُ وَقَالُوا: "يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ نَكْفِيكَهُمْ([12])".
فَقَالَ: "مَا تَكْفُونَنِي أَنْفُسَكُمْ، فَكَيْفَ تَكْفُونَنِي غَيْرَكُمْ؟ إِنْ كَانَتِ الرَّعَايَا قَبْلِي لَتَشْكُو حَيْفَ رُعَاتِهَا، وَإِنَّنِي الْيَوْمَ لَأَشْكُو حَيْفَ رَعِيَّتِي، كَأَنَّنِي الْمَقُودُ وَهُمُ الْقَادَةُ، أَوِ الْمَوْزُوعُ وَهُمُ الْوَزَعَةُ([13])"([14]).
- وَقَالَ (عليه السلام)، في تشبيه بليغ بصاحب السلطة، كيف أنّه لا يرتاح في حياته أبداً، صحيح أنّه محسود من قبل النّاس على ما هو فيه، ولكنه يعلم أنّه يركب الخطر دائماً، وأنّ القوّة التي يسلّطها على النّاس قد تنقلب عليه في أيّ لحظة فتنهيه:
"صَاحِبُ السُّلْطَانِ كَرَاكِبِ الْأَسَدِ، يُغْبَطُ بِمَوْقِعِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَوْضِعِهِ"([15]).
- وَقَالَ (عليه السلام)، أحسنوا لأيتام غيركم، يحسن الناس إلى أيتامكم:
"أَحْسِنُوا فِي عَقِبِ غَيْرِكُمْ تُحْفَظُوا فِي عَقِبِكُمْ"([16]).
- وَقَالَ (عليه السلام)، كلام العلماء سيفٌ ذو حدّين، فإنّ كان صحيحاً انتفعت النّاس به، وإن كان العكس تضررت منه النّاس أيّما ضرر:
"إِنَّ كَلَامَ الْحُكَمَاءِ إِذَا كَانَ صَوَاباً كَانَ دَوَاءً، وَإِذَا كَانَ خَطَأً كَانَ دَاءً"([17]).
- وَسَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُعَرِّفَهُ الْإِيمَانَ فَقَالَ (عليه السلام):
"إِذَا كَانَ الْغَدُ فَأْتِنِي حَتَّى أُخْبِرَكَ عَلَى أَسْمَاعِ النَّاسِ، فَإِنْ نَسِيتَ مَقَالَتِي حَفِظَهَا عَلَيْكَ غَيْرُكَ، فَإِنَّ الْكَلَامَ كَالشَّارِدَةِ يَنْقُفُهَا هَذَا، وَيُخْطِئُهَا هَذَا([18])"([19]).
- وَقَالَ (عليه السلام)، أيها الإنسان لا تحزن إن فاتك رزق يومك، فلن تبرح هذه الدنيا حتّى يأتيك ما قُسم لك كاملاً غير منقوص:
"يَا ابْنَ آدَمَ لَا تَحْمِلْ هَمَّ يَوْمِكَ الَّذِي لَمْ يَأْتِكَ عَلَى يَوْمِكَ الَّذِي قَدْ أَتَاكَ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ مِنْ عُمُرِكَ يَأْتِ اللَّهُ فِيهِ بِرِزْقِكَ"([20]).
- وَقَالَ (عليه السلام)، على الإنسان أن يكون متوازناً في كلّ شيء، فإن أحب عليه أن يحسب حساب يوم الاختلاف والبغض، والعكس صحيح أيضاً:
"أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْناً مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْماً مَا وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْناً مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْماً مَا"([21]).
- وَقَالَ (عليه السلام)، الناس في الدنيا على نوعين، واحد يشغله تحصيل الدنيا وخوف الفقر على عياله، فتراه يقتّر على نفسه ويعيش فقيراً طوال عمره حتّى وإن رزقه الله رزقاً وافراً، وآخر شغل نفسه بما عند الله، فأتاه رزق الله رغداً من كل صوب، فنال خير الدارين، وفوق ذلك لا يخيّبه الله إن سأله:
"النَّاسُ فِي الدُّنْيَا عَامِلَانِ، عَامِلٌ عَمِلَ فِي الدُّنْيَا لِلدُّنْيَا، قَدْ شَغَلَتْهُ دُنْيَاهُ عَنْ آخِرَتِهِ، يَخْشَى عَلَى مَنْ يَخْلُفُهُ الْفَقْرَ، وَيَأْمَنُهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَيُفْنِي عُمُرَهُ فِي مَنْفَعَةِ غَيْرِهِ، وَعَامِلٌ عَمِلَ فِي الدُّنْيَا لِمَا بَعْدَهَا، فَجَاءَهُ الَّذِي لَهُ مِنَ الدُّنْيَا بِغَيْرِ عَمَلٍ، فَأَحْرَزَ الْحَظَّيْنِ مَعاً، وَمَلَكَ الدَّارَيْنِ جَمِيعاً، فَأَصْبَحَ وَجِيهاً عِنْدَ اللَّهِ، لَا يَسْأَلُ اللَّهَ حَاجَةً فَيَمْنَعُهُ"([22]).
- وَرُوِيَ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي أَيَّامِهِ حَلْيُ الْكَعْبَةِ وَكَثْرَتُهُ فَقَالَ قَوْمٌ لَوْ أَخَذْتَهُ فَجَهَّزْتَ بِهِ جُيُوشَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ أَعْظَمَ لِلْأَجْرِ وَمَا تَصْنَعُ الْكَعْبَةُ بِالْحَلْيِ فَهَمَّ عُمَرُ بِذَلِكَ وَسَأَلَ عَنْهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ (عليه السلام) فَقَالَ (عليه السلام): إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله) وَالْأَمْوَالُ أَرْبَعَةٌ أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ فَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي الْفَرَائِضِ وَالْفَيْ‏ءُ فَقَسَّمَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ وَالْخُمُسُ فَوَضَعَهُ اللَّهُ حَيْثُ وَضَعَهُ وَالصَّدَقَاتُ فَجَعَلَهَا اللَّهُ حَيْثُ جَعَلَهَا وَكَانَ حَلْيُ الْكَعْبَةِ فِيهَا يَوْمَئِذٍ فَتَرَكَهُ اللَّهُ عَلَى حَالِهِ وَلَمْ يَتْرُكْهُ نِسْيَاناً وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ مَكَاناً فَأَقِرَّهُ حَيْثُ أَقَرَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَوْلَاكَ لَافْتَضَحْنَا، وَتَرَكَ الْحَلْيَ بِحَالِهِ"([23]).
- رُوِيَ أَنَّهُ (عليه السلام) رُفِعَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ سَرَقَا مِنْ مَالِ اللَّهِ، أَحَدُهُمَا عَبْدٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ وَالْآخَرُ مِنْ عُرُوضِ النَّاسِ، فقال عليه السلام: "أما هذا فهو من مال الله، ولا حد عليه. مال الله أكل بعضه بعضا، وأما الآخر فعليه الحد فقطع يده([24])"([25]).


[1] بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٠ - الصفحة ١٣١.
[2] عامّة النّاس، الذين هم لا حول لهم ولا قوّة.
[3] الشهادة تظهر الحقيقة بمواجهة من يجحدها.
[4] نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٤ - الصفحة ٥٥.
[5] 250 - شرح نهج البلاغة ج19 ـ ابن أبي الحديد.
[6] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٣٥٥٢.
[7] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٩ - الصفحة ٩٦.
[8] نهج البلاغة، ج 1، ص 513.
[9] نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٤ - الصفحة ٥٦.
[10] شرح مئة كلمة لأمير المؤمنين - ابن ميثم البحراني - الصفحة ١٩٣.
[11] نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٤ - الصفحة ٥٧.
[12] نقاتلهم بدلاً عنك.
[13] يشتكي أمير المؤمنين (عليه السلام) من حيف رعيّته، وذلك في سابقةٍ تاريخيّة لم تحصل قبله، فالنّاس عادةً تشتكي من ظلم الملوك، إلا أنّ مولانا قد ظلمهُ أتباعه، في تقاعسهم عن نصرته، حتّى وصل أهل الباطل إلى الأنبار غزاةً، وارتكبوا الفظائع في الناس المستأمنين بولاية أمير المؤمنين.
[14] نهج البلاغة – خطب الإمام علي – ج 4 – صفحة 62.
[16] المرجع السابق.
[17] المرجع السابق.
[18] أي أنّ الكلام كالإبل الشاردة، يمسكها فلان، وتفلت من غيره.
[19] المرجع السابق – ص 64.
[20] المرجع السابق.
[21] المرجع السابق.
[22] المرجع السابق – ص 64-65.
[23] المرجع السابق.
[24] أي أنّه عليه السلام لم يقطع اليد في سرقة مال الله، فالله أولى أن يحاسب سارقي ماله، وقطع اليد لسارق مال النّاس.
[25] المرجع السابق، ص 66.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى