كلام الامام علي (ع) في القضاء

2023.12.13 - 11:17
Facebook Share
طباعة

  قال أمير المؤمنين عليه (السلام)، منوهاً إلى اجتهاد القضاة في القضايا المنظورة أمامهم، ويذمّ إعمال آراءهم في ما يحكمون به:

"تَرِدُ عَلَى أحَدِهِمُ القَضِيَّةُ في حُكْم مِنَ الأحْكَامِ فَيَحْكُمُ فِيهَا بِرَأْيِهِ"
يستغرب أمير المؤمنين النتائج المختلفة للأحكام بين قاضٍ وآخر، ويدلل بذلك على فساد آراءهم، وعدم تمكنّهم من تبرير هذا الاختلاف، الذي لا يفسّره سوى أمر واحد هو عدم مرجعيتهم إلى شرع الله:
"ثُمَّ تَرِدُ تِلْكَ القَضِيَّةُ بِعَيْنِهَا عَلَى غَيْرِهِ فَيَحْكُمُ فِيها بِخِلافِ قَوْلِهِ، ثُمَّ يَجْتَمِعُ القُضَاةُ بِذلِكَ عِنْدَ إمامِهِم الَّذِي اسْتَقْضَاهُم، فَيُصَوِّبُ آرَاءَهُمْ جَمِيعاً"
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام)، كيف يكون هذا الاختلاف والإله واحد، والنبيّ واحد، والقرآن واحد؟ فهل كان هذا الاختلاف حكماً من أحكام الله فأطاعوه؟ بالطّبع لا! أم تراه مخالفة صريحة لأحكام شرع الله؟ فلا يمكن أن يكون مرجع هذا الاختلاف إلى النّقص في دين الله، ولا إلى ترك أي شاردة وواردة في كتاب الله من غير تبيان، ولم يترك أي مسألة جوهرية من غير توجيه، ولا يمكن أن يكون النبيّ قد قصّر في تبليغ ما هو كامل -حاشى لله-.
"وَإِلهُهُمْ وَاحِدٌ! وَنَبِيُّهُمْ وَاحِدٌ! وَكِتَابُهُمْ وَاحِدٌ، أَفَأَمَرَهُمُ اللهُ ـ سُبْحَانَهُ ـ بِالاخْتلاَفِ فَأَطَاعُوهُ؟ أَمْ نَهَاهُمْ عَنْهُ فَعَصَوْهُ؟ أَمْ أَنْزَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ دِيناً نَاقِصاً فَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَى إِتْمَامِهِ؟ أَمْ كَانُوا شُرَكَاءَ لَهُ فَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْضِى؟ أَمْ أَنْزَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ دِيناً تَامّاً فَقَصَّرَ الرَّسُولُ(صلى الله عليه وآله) عَنْ تَبْلِيغِهِ وَأَدَائِهِ؟ وَاللهُ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (مَا فَرَّطْنَا في الكِتَابِ مِنْ شَيْء) وَفِيهِ تِبْيَانٌ لِكُلِّ شَيْء، وَذَكَرَ أَنَّ الكِتَابَ يُصَدِّقُ بَعْضاً، وَأَنَّهُ لاَ اخْتِلافَ فِيهِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً([1]))"([2]).
ألا ليت أميرنا أمير المؤمنين بيننا الآن حاضراً، فيرى محنة القضاء، فلا الله مخوفٌ، ولا النّبيّ حاضرٌ، ولا الكتاب معمولٌ به. وأمور المسلمين شتّى، وشرع الله منسي. السلام عليك يا أبا الحسن، فكم من نهروان عليك أن تخوض إن كنت فينا؟


[1] سورة النساء: الآية 82.
[2] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١ - الصفحة ٢٨٨.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى