ماذا قال الامام علي (ع) في المبادرة إلى صالح الاعمال

2023.09.04 - 02:26
Facebook Share
طباعة

  يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) محذّراً أهل الدنيا، اتقوا الله، وسابقوا آجلكم بصالحات الأعمال، واشتروا بمال الدنيا الزائف بضائع الآخرة، وأعدّوا متاع الرّحلة فقد أوشكت رحلتكم على المسير، واستعدّوا للموت المرابط فوق رؤوسكم مهما بلغ بكم العمر، وكونوا حكماء بما فيه الكفاية كي تنتبهوا من هذا التحذير وتستعدوا، فكم من غافل باغتته المنيّة، فالله لم يخلقكم عبثاً ولهواً، ولن يترككم بلا حساب، وكل ما يفصلنا عن الحياة الأبديّة بحلوها ومرّها هو ذاك الموت فقط:

"وَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَبَادِرُوا([1]) آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ، وَابْتَاعُوا مَا يَبْقَى لَكُمْ بِمَا يَزُولُ عَنْكُمْ، وَتَرَحَّلُوا([2]) فَقَدْ جُدَّ بِكُمْ([3])، وَاسْتَعِدُّوا لِلْمَوْتِ فَقَدْ أَظَلَّكُمْ([4])، وَكُونُوا قَوْماً صِيحَ بِهمْ فَانْتَبَهُوا، وَعَلِمُوا أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ لَهُمْ بِدَار فَاسْتَبْدَلُوا; فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً، وَلَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدىً([5])، وَمَا بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ إِلاَّ الْمَوْتُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ"([6]).
__
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام)، وإن لذة تنتهي بلمح البصر، أو في ساعة، جديرة بعدم الاكتراث، وإن الموت وإن كان غائباً الآن، لهو حاضرٌ مادام هناك نهار يطلع وليل ينجلي، وهو سيحل سريعاً مهما أبطأ، وإنّ قادماً بمثل تحققه وسرعته حريّ بأن نستعدّ له بأفضل العدّة، فإيّاك أيها العبد أن تنسى التزوّد للرحلة:
"وَإِنَّ غَايَةً تَنْقُصُهَا اللَّحْظَةُ، وَتَهْدِمُهَا السَّاعَةُ، لَجَدِيرَةٌ بِقِصَرِ الْمُدَّةِ، وَإِنَّ غَائِباً يَحْدُوهُ الْجَدِيدَانِ([7]) اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، لَحَرِيٌّ بِسُرْعَةِ الاْوْبَةِ([8]) وَإِنَّ قَادِماً يَقْدُمُ بِالفَوْزِ أَو الشِّقْوَةِ لَمُسْتَحِقٌّ لأفْضَلِ الْعُدَّةِ، فَتَزَوَّدُوا فِي الدُّنيَا مِنَ الدُّنْيَا مَا تَحْرُزُونَ بِهِ نُفُوسَكُمْ غَداً"([9]).
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام)، عليكم بتقوى الله، ونصح لنفسه ولم يغشّها بالإثم، وغلب شهوته ولجمها، فإنّه لا يعلم متى أجله، إذ ربّما لا يتسنى له وقت للتوبة، والشيطان هو وليّه طالما أنّه ماضٍ في ارتكاب المعاصي، ويمنيّه أن هناك متّسع في العمر للتوبة، فيالها من حسرة حينما تعاجله المنيّة وهو في تلك الحالة، فمصيره إلى الشقاء، فنسأل الله ألا نكون من هؤلاء الغافلين، الذين تجعلهم نعمة الله فرحين مخدوعين بها، وألا نقصر في خدمة ربنا وعبادته لأي سبب كان، ومن الذين لا يحلّ بعد الموت سوء:
"فَاتَّقَىْ عَبْدٌ رَبِّهُ، نَصَحَ نَفْسَهُ، قَدَّمَ تَوْبَتَهُ، غَلَبَ شَهْوَتَهُ، فَإِنَّ أَجَلَهُ مَسْتُورٌ عَنْهُ، وَأَمَلَهُ خَادِعٌ لَهُ، والشَّيْطَانُ مُوَكَّلٌ بِه، يُزَيِّنُ لَهُ الْمَعْصِيَةَ لِيَرْكَبَهَا، وَيُمَنِّيهِ التَّوْبَةَ لِيُسَوِّفَهَا([10])، حتّى تَهْجُم مَنِيَّتُهُ عَلَيْهِ أَغْفَلَ مَا يَكُونُ عَنْهَا.فَيَالَهَا حَسْرَةً عَلَى كُلِّ ذِي غَفْلَة أَنْ يَكُونَ عُمُرُهُ عَلَيْهِ حُجَّةً، وَأَنْ تُؤَدِّيَهُ أَيَّامُهُ إِلَى الشِّقْوَةِ!نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَهُ أَنْ يَجْعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ مِمِّنْ لاَ تُبْطِرُهُ نَعْمَةٌ، وَلاَ تُقَصِّرُ بِهِ عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ غَايَةٌ، وَلاَ تَحُلُّ بِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ نَدَامَةٌ وَلاَ كَآبَةٌ"([11]).
 


[1] استبقوا
[2] أعدّوا زاد الرحلة
[3] الحث على التحرّك
[4] أصبح فوق رؤوسكم
[5] بلا حساب
[6] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٤٥.
[7] الليل والنهار، سماهما جديدان لأنهما متجددان دوما ويحملان معهما كل جديد.
[8] الرجعة.
[9]نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ١ - الصفحة ١١٠.
[10] يؤجلّها
[11] نهج البلاغة – ج1- الصفحة 111.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى