مكانة المرأة في كلام الامام علي (ع)

2023.08.24 - 08:22
Facebook Share
طباعة

 حرمة المرأة في نهج الامام علي (عليه السلام)

 
للمرأة في فكر الامام علي (عليه السلام) مكانة كبيرة، فقد كان يعطي للمرأة قدرها، ويهتم بها، وقد تجلّى ذلك مليّاً في زمن خلافته، فهو الحاكم والمسؤول عن الرعيّة.
وقد كان (عليه السلام) كثيراً ما يدعوا الناس لقتال أهل الباطل لكيلا يعرض رعيّته للذل والمهانة، وخصوصاً النساء. ويسجلّ التاريخ عنه (عليه السلام)، أنّه، إذ تعرّضت النساء فيها للهوان والمذلة على يد جيش معاوية، فغضب غضباً عظيماً، وخطب في الناس قائلاً:
"أَلَا وإِنِّي قَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَى قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، لَيْلًا ونَهَاراً وسِرّاً وإِعْلَاناً، وقُلْتُ لَكُمُ اغْزُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يَغْزُوكُمْ، فَوَاللَّه مَا غُزِيَ قَوْمٌ قَطُّ فِي عُقْرِ دَارِهِمْ إِلَّا ذَلُّوا، فَتَوَاكَلْتُمْ وتَخَاذَلْتُمْ، حَتَّى شُنَّتْ عَلَيْكُمُ الْغَارَاتُ، ومُلِكَتْ عَلَيْكُمُ الأَوْطَانُ، ... ولَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَدْخُلُ، عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ والأُخْرَى الْمُعَاهِدَةِ، فَيَنْتَزِعُ حِجْلَهَا وقُلُبَهَا وقَلَائِدَهَا ورُعُثَهَا، مَا تَمْتَنِعُ مِنْه إِلَّا بِالِاسْتِرْجَاعِ والِاسْتِرْحَامِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا وَافِرِينَ، مَا نَالَ رَجُلًا مِنْهُمْ كَلْمٌ ولَا أُرِيقَ لَهُمْ دَمٌ، فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفاً، مَا كَانَ بِه مَلُوماً بَلْ كَانَ بِه عِنْدِي جَدِيراً"([1]).
فقوله (عليه السلام): (فَلَوْ أَنَّ امْرَأً مُسْلِماً مَاتَ مِنْ بَعْدِ هَذَا أَسَفاً، مَا كَانَ بِه مَلُوماً بَلْ كَانَ بِه عِنْدِي جَدِيراً) إنّما فيه بيان لشدّة جزع الإمام (عليه السلام) على تلك النساء، فمن مات أسفا على حال النساء لكان جديراً عند الإمام.
وكان (عليه السلام) في كافة معاركه يوصي المقاتلين بعدم التعرض لأعراض الناس، وهذه من خصال مروءته وغيرته، فمن وصية له (عليه السلام) لعسكره قبل لقاء العدو قال:
"لَا تَهِيجُوا النِّسَاءَ بِأَذًى، وإِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ وسَبَبْنَ أُمَرَاءَكُمْ، فَإِنَّهُنَّ ضَعِيفَاتُ الْقُوَى والأَنْفُسِ والْعُقُولِ، إِنْ كُنَّا لَنُؤْمَرُ بِالْكَفِّ عَنْهُنَّ وإِنَّهُنَّ لَمُشْرِكَاتٌ، وإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَتَنَاوَلُ الْمَرْأَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، بِالْفَهْرِ أَوِ الْهِرَاوَةِ، فَيُعَيَّرُ بِهَا وعَقِبُه مِنْ بَعْدِه"([2]).
يتضح من كلامه (عليه السلام) أنه كان يأمر المقاتلين بالكف عن النساء، وقد ضرب الإمام (عليه السلام) لهم مثلا عن زمن الجاهلية، فرغم جاهليتهم، إلا أنهم لم يتعرضوا للنساء وكان الرجل إذا تعرض لامرأة عيروه ويبقى عاره ملتصقاً بذريّته من بعده، فإي عارٍ هذا؟
كما علينا ألا ننسى، معاملة أمير المؤمنين (عليه السلام) لفاطمة الزهراء (عليها السلام)، وهو الذي قال حين فارقها:
"فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمرٍ حتى قبضها الله عز وجل إليه، ولا أغضبتني ولا عَصَتْ لي أمراً، ولقد كُنْتُ أنظرُ إليها فتنكشف عني الهموم والأحزان"([3]).
زمن وصيّة أمير المؤمنين لابنه الامام الحسن (عليهما السلام) أنّه قال:
"إن المرأة ريحانة، وليست بقهرمانة، فإياك والتغاير في غير موضع غيرة، فان ذلك يدعو الصحيحة الى السقيم، والبريئة الى الريب"([4])، فالمرأة وردة نديّة في بيتك وليست جارية مرهونة بشهوتك وملذّاتك، عليك المحافظة عليها، وعدم إظهار غيرتك عليها، إلا في مواضع الشبهة، لأن ذلك مرض لك ولها، ويجعل حياتكما مريبة غير سويّة.
إذاً فأمير المؤمنين (عليه السلام)، سبق عصره في هذه الناحية الاجتماعية أيضاً، وهو الذي لا يمكن أن يفوته السبق لمكارم الأخلاق، والحس الإنساني، فكان المثال الحيّ للحاكم العادل النصير للمرأة وحقوقها.


[1]- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢ - الصفحة ٧٤.
[2]- نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٣ - الصفحة ١٥.
[3]- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٤٣ - الصفحة ١٣٤.
[4]- بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٠٠ - الصفحة ٢٥٢.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى