شرح مساوئ البخل حسب كلام الامام علي (ع)

2023.08.17 - 02:06
Facebook Share
طباعة

 يفرد امير المؤمنين الكثير من التنبيه في خطبه لآفة البخل، إذ يقول (عليه السلام) في ذم البخل:

"الْبُخْلُ جَامعٌ لِمَسَاوِئِ الْعُيُوبِ، وَهُوَ زِمَامٌ يُقَادُ بهِ إِلَى كُلِّ سُوء"([1])
ربّما يتّضح للقارئ الكريم، مدى مقت أمير المؤمنين للبخل والبخلاء، إذ جعل البخل أسوأ صفة ممكن أن يتصف بها المرء، وأنّها عنوان رئيسي لعناوين فرعية في سوء الخلق، كلّها تتفرّع عن البخل. فالحرص على عدم صرف المال في الأوجه التي يُصرف بها عادة، هي عادة ذميمة تلتصق بالإنسان فتجعله يسير -من أجل المحافظة على ماله- في كلّ دروب النّقص والخطأ والتقتير. فهذه الصورة البليغة في التشبيه، بأن البخل زمام يربط صاحبه ويوجهه إلى كل عيب، كما يُساق الحصان بزمامه. فالفارس لا يستطيع التحّكم بالحصان لولا الزّمام، والبخل يسوس الإنسان البخيل بلا أي مقاومة إلى ارتكاب كلّ ما يخطر على البال من موبقات بهدف عدم صرف المال.
والتقتير على النفس، والعيال يتجلّى في مظاهر عدّة، أهمّها: الظهور بمظهر البائس المُعدم، وفي هذا مخالفة لدين الله، الذي يدعونا أن نُظهر نعمة الله علينا، لا أن نخفيها تحت مظاهر مصطنعة. يقول الله تعالى: {وأمّا بنعمّة ربّك فحدّث}([2]). والحسد الذي يتآكل البخيل على الآخرين الذين يتنعّمون بخيرات الله، بينما هو يحرم نفسه منها، الحقد على من يذكّره ببخله. أو يحثّه على الإنفاق، الضّعة وبذل المهجة مقابل الحصول على إعفاءات من الدّفع.
إذاً فالبخل هو المقود لرذائل الخصال، التي يهون معها كلّ شيء في سبيل الحفاظ على المال، وفي النهاية، ما الذي يحصل؟ يبقى هذا المال للمواريث، لكن صاحبه مضى بائساً لم ينتفع بماله، ولم ينفع مجتمعه من دورة المال، فخسر بذلك دينه ودنياه وآخرته.


[1]- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٩ - الصفحة ٣١٦.
[2]- سورة الضّحى: الآية 11.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى