التنبّه لحال الدنيا في كلام الامام علي (عليه السلام)

2023.08.07 - 12:20
Facebook Share
طباعة

 قال أمير المؤمنين عليه السلام:

"أَهْلُ الدّنْيا كَرَكْبٍ يُسارُ بِهمْ وَهُمْ نِيامُ"([1]).
هي دعوة إلى التيقظ، وعدم الرّكون إلى الدنيا، والاغترار بها؛ فإنها زائلة فانية لم تخلق إلا كمرحلة موقتة، يُختبر فيها الإنسان كي يسعَى، ويحصل ما ينفعه في الدار الآخرة الباقية، إذاً فهي محطة توقف، يتزوّد منها الإنسان من الخيرات التي تنفعه وقت فقره وفاقته، ثم تنقضي أيامه فيها، وهو لا يشعر، فلا بد من الاهتمام بمستقبله لئلا يُغلَب، وتفوت الفرصة، إذ لا مجال للرجوع.
فهذه الدعوة لأجل التنبه، لئلا يغفل الإنسان العاقل عن غاية الوجود، فيخرج الأمر من يده بالموت، وقد مثّل (عليه السلام) حال أهل الدنيا بالمسافرين النائمين، في واسطة نقل تقطع بهم المسافات الكبيرة، من دون أن يشعروا، وعدمُ شعورهم هذا لا يبرر غفلتهم، ولا يغيّر من الواقع شيئًا؛ لأن الواسطة تسير وتقطع المسافة، وتتحول من منطقة إلى أخرى.
ومن هنا جاء تشبيه حال الإنسان في الدنيا بمن ركب واسطة نقل ليصل إلى محطة أخرى، فسارت به وهو نائم، فحتمًا ستنقضي المسافة وينتقل عن المكان الأول بمجرد مرور الواسطة، ولا دخل لكونه غير ملتفت لذلك. فالحثّ على التزود بما ينفع عند لقاء الله تعالى، وعدم الغفلة عن الحالة الموعودة المرتقبة، والتي يتعرض لها كافّة الخلق، وهي انقضاء الدنيا وبقاء الآخرة.
وقال أمير المؤمنين في موضع آخر، مؤكّداً على ذات الفكرة:
"النّاس نيامٌ، إذا ماتوا انتبهوا"([2])
فالنّاس في هذه الدنيا نيامٌ، يحلمون حياتهم، فهنيئاً لمن أسعفه حلمه لفعل الخيرات، والتزوّد ليوم التنبّه والانتباه، وهذا مصداق قول الله تعالى:
{لقد كنت في غفلةٍ من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد}([3])
فأمير المؤمنين يوقظنا، قبل أن يوقظنا الموت، ويحثّنا على تحقيق أخرانا بحاضرنا، فكلّ ملذات الدنيا زائلة، ويبقى لك ما فعلته وأنت صاحٍ.


[1]- ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٢ - الصفحة ٩١٦.
[2]- عوالي اللآلي - ابن أبي جمهور الإحسائي - ج ٤ - الصفحة ٧٣.
[3]- سورة ق: الآية 22.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى