كلام للإمام علي (عليه السلام) عن أنواع المتدينين، وأنواع الظلم، وعذاب الآخرة

2023.07.08 - 05:45
Facebook Share
طباعة

 قال الامام علي بن ابي طالب عليه السلام في أنواع المتدينين، أنّ منهم من يتّبع شرع الله تعالى الواضح، ومنهم من يبتدع شرعاً آخر غير شرع الله، ليس فيه برهان ولا دليل:

"وإنما الناس رجلان: متبع شرعة([1])، ومبتدع بدعة([2]) ليس معه من الله سبحانه برهان سنة([3]) ولا ضياء حجة([4]). إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ، وَسَبَبُهُ الأمِينُ، وَفِيهِ رَبِيعُ الْقَلْبِ، وَيَنَابِيعُ الْعِلْمِ، وَمَا لِلْقَلْبِ جَلاَءٌ غَيْرُهُ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ الْمُتَذَكِّرُونَ([5])، وَبَقِيَ النَّاسُونَ([6]) أَوِ الْمُتَنَاسُونَ([7]). فَإِذَا رَأَيْتُمْ خَيْراً فَأَعِينُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ شَرّاً فَاذْهَبُوا عَنْهُ، فَإنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) كَانَ يَقُولُ: «يَا بْنَ آدَمَ، اعْمَلِ الْخَيْرَ وَدَعِ الشَّرَّ، فَإِذَا أَنْتَ جَوَادٌ قَاصِدٌ([8])»".
ثمّ ينتقل عليه السلام ليصنّف الظلم وأنواعه، محذراً أصحابه من الوقوع في مظالم النّاس بأي حال من الأحوال:
لا وإن الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب. فأما الظلم الذي لا يغفر، فالشرك بالله، قال الله تعالى: «إن الله لا يغفر أن يشرك به». وأما الظلم الذي يغفر، فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات([9]). وأما الظلم الذي لا يترك، فظلم العباد بعضهم بعضا".
ثمّ يصف لنا أمير المؤمنين القصاص من الظالمين، وكيفيّته، وشدّته، كي نتجنّبه:
"القصاص هناك شديد، ليس هو جرحا بالمدى([10]) ولا ضربا بالسياط، ولكنه ما يستصغر ذلك معه([11]). فإياكم والتلون في دين الله، فإن جماعة([12]) فيما تكرهون من الحق، خير من فرقة([13]) فيما تحبون من الباطل(). وإن الله سبحانه لم يعط أحدا بفرقة خيرا ممن مضى([14])، ولا ممن بقي، يا أيها الناس طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وطوبى لمن لزم بيته، وأكل قوته، واشتغل بطاعة ربه، وبكى على خطيئته، فكان من نفسه في شغل([15])، والناس منه في راحة([16])"([17]).


[1] يتبع شرعاً واضحاً.
[2] مخترع لشريعة جديدة ما أنزل الله بها من سلطان.
[3] ليس معه برهان من قوانين الله وسننه الطبيعيّة.
[4] وليس معه حجة من الله مضيئة دامغة من آيات الله البينات، وإنما هو يعمل بالتأويل وتحريف المعاني.
[5] رحل ذاكروا القرآن وماتوا.
[6] وبقي ناسوا القرآن.
[7] أو المتذكرين آياته، المتغاضين عن العمل بها.
[8] كريم على نفسك، قاصد الله على الصراط المستقيم.
[9] حالات الضّعف.
[10] السكاكين والآلات الحادّة.
[11] يكون كل ذلك التعذيب أهون منه، أي هو أشد من ضرب السياط وجرح السكاكين والعياذ بالله.
[12] رهط قليل، مجموعة صغيرة مجتمعة على الحق الذي تكرهونه.
[13] خير من جماعة كبيرة (فرقة) مجتمعة على الباطل الذي يعجبكم.
[14] أن خير الفرق كانت على عهد رسول الله، ولن تتكرر.
[15] اشتغل بما ينفع به نفسه.
[16] وارتاحت النّاس منه، لأنه كفاهم شرّه.
[17] نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٢ – الصفحة 95.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى