دعاء من الخطبة 90 للامام علي (ع)

2023.06.10 - 02:45
Facebook Share
طباعة

 يعلّمنا أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا الدّعاء، أدب المديح مع الله، ويخبرنا ألا نرجو ونؤمّل إلا أهل الرّجاء، وألا نطلب إلا من القدير، وألا نمدح إلا من يستحقّ المدح، فمن غير الله يستحق أن نهرق ماء وجوهنا أمامه؟ يقول عليه السلام:

"اللَّهُمَّ أَنْتَ أَهْلُ الْوَصْفِ الْجَمِيلِ، وَالتَّعْدَادِ الْكَثِيرِ، إِنْ تُؤَمَّلْ([1]) فَخَيْرُ مَأْمُول، وَإِنْ تُرْجَ فأَكْرَمُ مَرْجُوٍّ. اللَّهُمَّ وَقَدْ بَسَطْتَ لي فِيَما لاَ أَمْدَحُ بِهِ غَيْرَكَ([2])، وَلاَ أُثْنِي بِهِ عَلَى أَحَد سِوَاكَ، وَلاَ أُوَجِّهُهُ إِلَى مَعَادِنِ الْخَيْبَةِ([3]) وَمَوَاضِعِ الرِّيبَةِ([4])، وَعَدَلْتَ بِلِسَاني عَنْ مَدَائِحِ الاْدَمِيِّينَ([5])، وَالثَّنَاءِ عَلَى الْمَرْبُوبِينَ الْـمَخْلُوقِينَ. اللَّهُمَّ وَلِكُلِّ مُثْن عَلَى مَنْ أَثْنَى عَلَيْهِ مَثُوبَةٌ مِنْ جَزَاء([6])، أَوْ عَارِفةٌ مِنْ عَطَاء([7]); وَقَدْ رَجَوْتُكَ دَلِيلاً([8]) عَلَى ذَخَائِرِ الرَّحْمَةِ وَكُنُوزِ الْمَغْفِرَةِ([9]). اللَّهُمَّ وَهذَا مَقَامُ مَنْ أَفْرَدَكَ بِالتَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ لَكَ([10])، وَلَمْ يَرَ مُستَحِقّاً لِهذِهِ الْمحَامِدِ وَالْمَمادِحِ غَيْرَكَ، وَبِي فَاقَةٌ([11]) إِلَيْكَ لاَ يَجْبُرُ مَسْكَنَتَهَا إِلاَّ فضْلُكَ، وَلاَ يَنْعَشُ مِنْ خَلَّتِهَا([12]) إِلاَّ مَنُّكَ وَجُودُكَ، فَهَبْ لَنَا فِي هذَا الْمَقَامِ رِضَاكَ، وَأَغْنِنَا عَنْ مَدِّ الأيْدِي إِلَى مَن سِوَاكَ، (إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ)"([13]).


[1] تُرجى.
[2] أعطيتني من النّعم التي لا أحمد غيرك عليها.
[3] أي أنني لا أوجه مدحي إلى الأماكن التي فيها الخيبة، لأن من يؤمل غير الله يخيب.
[4] ولا أمدح المشكوك بقدرتهم.
[5] وكذلك لا أمح البشر الذين هم مثلي لا حول لهم ولاقوّة.
[6] إن لكل شاكر جزاءٌ من المشكور، فاجعل لي يا رب جزاءً وثوابا على جزائي هذا.
[7] وهناك عرف أن ينال الشاكر عطاءً من المشكور، فهب لي مثل هذا العطاء.
[8] ورجائي هذا دليل على أنّك مركز العطاء والكنوز في هذا الكون.
[9] أنت كنز المغفرة.
[10] إني أقف في مكان الموحد العارف بربوبيّتك، ووحدانيّتك.
[11] فقر.
[12] الفقر الشديد.
[13] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٢٨٦٠.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى