الامام علي (ع) وتحريك المجتمعات الساكنة ج2

باسم حسين الزيدي

2022.01.31 - 10:23
Facebook Share
طباعة

 لقد سعى امير المؤمنين (عليه السلام) بما كسبه من معرفة أخلاقية وإنسانية وعلمية عظيمة من رسول الله (صلى الله عليه واله) الى:

1. ابراز المعاني السامية التي تضمنتها رسالة الإسلام الإنسانية الخالدة لكل البشر وتجسيدها بصورة حية واخراجها من اطارها الفكري والنظري الى واقع حي وملموس عبر سيرته واصحابه خلال حياته الشخصية والعامة.

2. محاربة الانحرافات الفكرية والعقائدية التي وقعت بعد وفاة النبي محمد (صلى الله عليه واله) ومحاولة البعض تحريف رسالة الإسلام بما يخدم مصالحهم الشخصية في تحصيل الحكم والمال والقوة ومصادرة حقوق الرعية.

3. السير على نهج رسول الله (صلى الله عليه واله) في صنع جيل من القادة والمصلحين المؤثرين (أمثال: ميثم التمار، المقداد، أبو ذر الغفاري، مالك الاشتر...الخ) في المجتمع ليكون لهم الدور في اكمال المسيرة ومنع عودة المجتمع الى حالته الساكنة وما يرافقها من تخلف وجهل وعصبية.

4. بناء حضارة إنسانية خالدة تضمنت المعاني الحقيقية للإسلام القائم على احترام الانسان وتقديس حقوقه وخصوصيته ومنع التجاوز او التعدي عليها مهما كان السبب او الدافع، وقد استطاع امير المؤمنين (عليه السلام) خلال فتره حكمه البسيطة تجسيد هذه الصورة بمعانيها الكاملة حتى أصبحت مثالاً لكل الأجيال اللاحقة.

وقد بعث امير المؤمنين (عليه السلام) في رسالة الى مالك الاشتر يبين فيها القيم العليا للتعامل مع الفرد والمجتمع بغض النظر عن اختلافهم معك ومدى قربهم او بعدهم عنك فيقول: "واشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم اكلهم فانهم صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، يفرط منهم الزلل وتعرض لهم العلل ويؤتى على ايديهم في العمد والخطأ فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه فإنك فوقهم ووالي الأمر عليك فوقك، ولا تنصبن نفسك لحرب الله فانه لا يدي لك بنقمته ولا غنى بك عن عفوه ورحمته".

والخلاصة اننا حينما نستذكر شخصية ملهمة كأمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) وما قام به من أدوار مهمة سجلها لنا التاريخ، فإننا نشعر بالفخر والاطمئنان لوجود هذا الرقي والعظمة والإنسانية والحلم والعطاء والعلم والشجاعة في مسيرة التاريخ الإنساني، مثلما نشعر بالذهول والخوف من وجود تاريخ لا انساني مليء بالحروب والاستبداد والنهب والفساد والعنف والجوع والقتل والجهل والعصبية خط على يد مجموعة ابتعدت عن معاني الاخلاق والفطرة الانسانية لتحقيق مصالحها الشخصية على حساب الآخرين مهما كان الثمن، وقد حول هؤلاء مجتمعاتهم الى مجتمعات ساكنة اشبه بالمجتمعات الداجنة التي لا نتاج لها ولا حقوق لتسهل السيطرة عليهم وتحريكهم بأي اتجاه يرغب فيه المستبدون، مثلما هو الحال في المجتمعات التي ترزح تحت حكم النخب الديكتاتورية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى