الامام علي (ع) وتحريك المجتمعات الساكنة ج1

باسم حسين الزيدي

2022.01.31 - 10:21
Facebook Share
طباعة

 لدى معظم الناس الاستعداد الفطري والقدرة للتفاعل مع أي عملية إصلاحية (التغيير او التطوير) تساهم في رفع قابلياتهم النفسية والروحية بصورة إيجابية في حال وجدت عوامل نجاح هذه العملية مثل:

1. القدوة او الاسوة او المصلح

2. البيئة الصالحة

3. عامل الزمن والمكان

4. الرسالة الانسانية

ان التفاعل بين هذه العوامل وغيرها ينتج مجتمع صالح قادر على الوصول الى اعلى درجات المثالية للمجتمعات المتطورة في مختلف المستويات الأخلاقية والاقتصادية والسياسية والتعليمية والثقافية، لأنه مجتمع إيجابي قادر على خلق أجيال خالية من العقد والتعقيدات، مجتمع مستقل ومتوازن يستطيع تجاوز العقبات ولا يقف عند المشكلة بل يكون قادراً على إيجاد الحلول المناسبة لها، وهذا ما سعى الإسلام الحنيف الى تأسيسه في مختلف المجتمعات الانسانية التي وصلتها رسالة الإسلام.

ولعل اهم عوامل النجاح في اصلاح أي مجتمع انساني هو وجود القدوة او المثل او المصلح او الاسوة الحسنة التي يمكن ان يتبع ويكون قادر على احداث التغيير نتيجة لتمتعه بصفات داخلية وخارجية تؤهله للنجاح في مهمته الإنسانية الصعبة، وهو ما حدث في زمن النبي الاكرم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه واله وسلم) عندما رفع راية التغيير والاصلاح في المجتمعات الساكنة التي حكمتها العصبية والتخلف والجهل لينجح في تحريك هذه المجتمعات نحو الانسانية والتعلم والوعي والاخلاق، لتكون قادرة على بناء حضارة إنسانية راقية شهد الجميع بمكانتها، ولقد كانت الكاريزما والصفات الأخلاقية والروحية التي تمتع بها رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) غاية في العلو والرفعة والسمو حتى استطاعت اختراق القلوب والعقول ووصل تأثيرها الى ابعد بقاع الأرض والى مختلف الأجيال المتعاقبة.

وعلى هذه السيرة الفذة لرسول الله (صلى الله عليه واله) ولد وتربى امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) في حجر الرسالة المباركة واخذ كل المعاني السامية والأخلاق العظيمة من فم رسول الله (صلى الله عليه واله)، وقد وصف امير المؤمنين (عليه السلام) هذا الاقتداء برسول الله (صلى الله عليه واله) بقوله: "وقد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه واله) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد يضمني إلى صدره ويكنفني إلى فراشه ويمسني جسده ويشمني عرفه وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل، ولقد قرن الله به (صلى الله عليه واله) من لدن أن كان فطيماً أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن اخلاق العالم ليله ونهاره، ولقد كنت اتبعه اتباع الفصيل إثر امه يرفع لي في كل يوم من اخلاقه علماً ويأمرني بالاقتداء به"، لذلك كانت مهمة امير المؤمنين (عليه السلام) في الإصلاح كمهمة رسول الله (صلى الله عليه والله) في التغيير، ولم يكن الفارق بينهما الا في مقام النبوة والامامة: "انت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي من بعدي".

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى