قيود الرغبات في سيرة الامام علي (ع)

2022.01.29 - 07:20
Facebook Share
طباعة

 قيود الرغبات:

(مَن ترك الشهوات كان حراً).. بهذه الحكمة حرَّر الامام علي (ع)  نفسه من شهواته والتعلق بالدنيا، فكان الزاهد الذي لا يرى في الدنيا قيمة إلا بما تمثله من وسيلة لتحقيق العبودية لله سبحانه، وهي العبودية الوحيدة التي آمن بها علي، وبما تمثله من مجال لخدمة الإنسان وعمارة الأرض بالخير، ولذا اعتبر أن الدنيا: (مسجد أحباء الله، ومصلى ملائكة الله، ومهبط وحي الله، ومتجر أولياء الله. اكتسبوا فيها الرحمة، وربحوا فيها الجنة).. وكان الزاهد الذي لا يرى في الملك قيمة إلا بما يمثله من موقع لإحقاق الحق وإقامة العدل: (والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت! وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها! ما لعلي ولنعيم يفنى ولذة لا تبقى؟! نعوذ بالله من سبات العقل وقبح الزلل وبه نستعين).
وبالغ علي في تحرير نفسه حتى حرمها من مُتعٍ كان يمكنه أن ينالها بما هو مباح له، لأنه كان يرى أن موقعه يفرض عليه أن يواسي الطبقة الأشد فقراً في المجتمع: (ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة. ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع، أو أبيت مبطاناً وحولي بطون غرثى وأكباد حرى؟ أو أكون كما قال القائل: وحسبك داءً أن تبيت ببطنة وحولك أكباد تحنّ إلى القد أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون أسوة لهم في خشونة العيش؟).. تحرر علي من كل ذلك ليتفلت من كل قيد يحول بينه وبين إقامة العدل على الصديق والعدو معاً. ولكنه في ذات الوقت أوصى ولاته بأن يوسعوا على القضاة كي لا يضطروا إلى الرشوة مما يؤدي إلى ظلم الحق ومسايرة الباطل، وهو يعلم أن الآخرين لن يتحملوا ما يتحمله: (ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طعامه بقرصيه. ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد).
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى