ذكر أمير المؤمنين عليه السلام كل ما يخص الأمة الإسلامية صغيره وكبيره، فهو باب مدينة العلم التي يؤمُّها الناس من كل فجٍّ عميق، ولم يكن غائبا حال الناس في آخر الزمان عن أمير المؤمنين عليه السلام، إذا تناوله في كلامه المبارك، وسنسلط الضوء في هذا الأسطر عن ما جاء في نهج البلاغة عن آخر الزمان.
وجاء في النهج قوله عليه السلام ((وَذلِكَ زَمَانٌ لاَ يَنْجُو فِيهِ إِلاَّ كُلُّ مٌؤْمِن نُوَمَة، إِنْ شَهِدَ لَمْ يُعْرَفْ، وَإِنْ غَابَ لَمْ يُفْتَقَدْ، أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى، وَأَعْلاَمُ السُّرَى، لَيْسُوا بِالْمَسَايِيحِ، وَلاَ الْمَذَايِيعِ الْبُذُرِ، أُولَئِكَ يَفْتَحُ اللهُ لَهُمْ أَبْوَابَ رَحْمَتِهِ، وَيَكْشِفُ عَنْهُمْ ضَرَّاءَ نِقْمَتِهِ. أَيُّهَا النَّاسُ، سَيَأْتي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ يُكْفَأُ فِيهِ الإسْلاَمُ، كَمَا يُكْفَأُ الإنَاءُ بِمَا فِيهِ. أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَعَاذَكُمْ مِنْ أَنْ يَجُورَ عَلَيْكُمْ، وَلَمْ يُعِذْكُمْ مِنْ أَنْ يَبْتَلِيكُمْ، وَقَدْ قَالِ جَلَّ مِنْ قَائِل: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ).
فالإمام عليه السلام يتحدث في هذا النص عن زمان آتٍ، يكون فيه الناس على وفق هذه الصفات التي ذكرها فيهم، (وَذلِكَ زَمَانٌ لاَ يَنْجُو فِيهِ إِلاَّ كُلُّ مٌؤْمِن نُوَمَة، إِنْ شَهِدَ لَمْ يُعْرَفْ، وَإِنْ غَابَ لَمْ يُفْتَقَدْ)، وهو إشارة إلى أن المؤمن لا وجود له بين الناس منعزل عنهم لا يؤثر وجوده من عدمه فيهم وقد كنى الإمام عليه السلام بذلك بقوله (نومة)([3])، إذ (يدل سياق الكلام على أن المراد بالزمان المشار إليه، الزمان الذي يعرض الناس فيه عن الدين).
أما قوله عليه السلام:)أولئك مصابيح الهدى، وأعلام السرى). يريد بذلك المؤمنين المخلصين؛ لأنهم يعملون بعلمهم ، ويخلصون لدينهم ، ولأن سيرتهم وأعمالهم تترك أطيب الأثر في النفوس ، وربما اهتدى بهم الكثير من التائهين والمنحرفين (ليسوا بالمساييح) لا يسيحون ويمشون بين الناس بالفساد (ولا المذاييع البذر) لا يذيعون الفاحشة، ويبذرون النميمة والوشاية (أولئك يفتح اللَّه لهم أبواب رحمته) ويسكنهم فسيح جنته.
.ثم يذكر حال الإسلام في هذا الزمن فيقول: (أيها الناس سيأتي عليكم زمان يكفأ فيه الإسلام كما يكفأ الإناء بما فيه)