مقتطفات من خطب الإمام علي (عليه السلام) في البعثة النبويّة، وفي الاستهداء بالله سبحانه

2024.11.14 - 01:45
Facebook Share
طباعة

  قال الامام علي بن ابي طالب عليه السلام في خطبته عن الغاية من البعثة، وأنّ الله أرسل نبيّه محمّداً صلى الله عليه وآله، ليهدي النّاس إلى خالقهم، ويعلّمهم على تلمّسه في ضمائرهم، وليتّصلوا به عن طريق تلاوة كتابه، فيسمعوا كلامه، ويستحضروا وجوده في حياتهم:

"بَعَثَ اللهُ مُحَمَّداً بِالْحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ الأوْثَانِ إِلَى عِبَادَتِهِ، وَمِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ إِلَى طَاعَتِهِ، بِقُرْآن قَدْ بَيَّنَهُ وَأَحْكَمَهُ، لِيَعْلَمَ الْعِبَادُ رَبَّهُمْ إِذْ جَهِلُوهُ، وَلِيُقِرُّوا بِهِ بَعْدَ إِذْ جَحَدُوهُ، وَلِيُثْبِتُوهُ بَعْدَ إِذْ أَنْكَرُوهُ. فَتَجَلَّى سُبْحَانَهُ لَهُمْ([1]) فِي كِتَابِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا رَأَوْهُ، بِمَا أَرَاهُمْ مِنْ قُدْرَتِهِ، وَخَوَّفَهُمْ مِنْ سَطْوَتِهِ، وَكَيْفَ مَحَقَ مَنْ مَحَقَ بِالْمَثُلاَتِ([2])، وَاحْتَصَدَ([3]) مَنِ احْتَصَدَ بِالنَّقِمَاتِ"([4]).
وله (عليه السلام) عظة رائعة في الاستهداء بالله، وكيف نطلب النّصيحة منه سبحانه وتعالى، وكيف أنّ لله من الطرق في هداية عبده ما ليس يُحصى أو يقدّر، وأن من استأمن بالله فهو آمن، وأن من عرف الله تواضع له:
"أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ مَنِ اسْتَنْصَحَ([5]) اللهَ وُفِّقَ، وَمَنِ اتَّخَذَ قَوْلَهُ دَلِيلاً هُدِيَ([6]) (لِلَّتَي هِيَ أَقْوَمُ); فَإِنَّ جَارَ اللهِ آمِنٌ([7])، وَعَدُوَّهُ خَائِفٌ، وَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَ عَظَمَةَ اللهِ أَنْ يَتَعَظَّمَ([8])، فَإِنَّ رِفْعَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا عَظَمَتُهُ أَنْ يَتَوَاضَعُوا لَهُ([9])، وَسَلاَمَةَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا قُدْرَتُهُ أَنْ يَسْتَسْلِمُوا لَهُ([10])، فَلاَ تَنْفِرُوا([11]) مِنَ الْحَقِّ نِفَارَ([12]) الصَّحِيحِ مِنَ الأجْرَبِ، وَالْبَارِي([13]) مِنْ ذِي السَّقَمِ([14])"([15]).


[1] شعروا بتجليه من خلال تلاوتهم لكتابه، من غير حاجة لإبصاره سبحانه وتعالى.
[2] بالعقوبات، ويصح بالأمثلة الماثلة أمامهم، كديار عاد وثمود.
[3] أفنى وأمات.
[4] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٩ - الصفحة ١٠٣.
[5] من استشار الله، فإنّ الله لا يتركه دون جواب. فالله عنده عدد لا نهائي من الطّرق لهداية السائل للجواب، ولا يمكن لله أن يحرم السائل جوابه.
[6] هداه الله به، ووفقه لفهم أحكامه.
[7] من استجار بالله فهو آمن لا محالة.
[8] لا يليق بمن عرف عظمة الله أن يشعر بالعظمة، فالعظمة من صفات الله سبحانه وتعالى.
[9] بالعكس، فإن من عرف عظمة الله يشعر بالتواضع له، وفي ذلك كلّ الرفعة والسمو.
[10] إن الاستسلام لقوّة الله منحىً لصاحب الحكمة والعقل.
[11] تهربوا.
[12] هروب.
[13] المعافى، الصحيح الخالي من العلل.
[14] الأمراض.
[15] نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٢ - الصفحة ٣٢.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى