قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
(قِلة الكَلَامِ تَستُرُ العُيُوبَ، وَتُقَلّلُ الذُّنُوبَ)([1])
إن قلة الكلام تقلل من ذنوب الفرد وتستر عيوبه وهذا يتبين لنا من قول أمير المؤمنين (عليه السَّلَام)؛ لأنه لو كان مكثر من الكلام؛ لعله ينزلق في الحديث عن الآخرين، ويغتابهم بكلامٍ ليس فيه شيء من الصحة مما يستوجب عليه الذنب، لكن لو التزم الصمت وقل حديثه يبعده عن الشيء الذي يكشف عيوبه، يزيد من ذنوبه وهو (كثرة الكلام).
كما روي عن الإمام علي (عليه السلام) قال:
(من كثر كلامه كثر خطؤه)([2])
أي على الانسان أن لا يكون مهذارا، ويقلل من كلامه، يصدر من لسانه؛ لأن لو أتى بحديثٍ غير متأًكدٍ منه، ممكن أن تكون عاقبته عليه سيئة، أو يكون له عثرة في حياته؛ فيتعرقل سيره فيها ولا يستطيع الخروج من هذه العثرة التي سببها له لسانه، وهذا ما يتبين لنا من قول أمير المؤمنين(عليه السلام) :
(قلة الكلام تستر العوار، وتؤمن العثار)([3]).
وكذلك قال (عليه السلام) في النهي عن كثرة الكلام:
(الْكَلَامُ فِي وَثَاقِكَ مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ بِه فَإِذَا تَكَلَّمْتَ بِه صِرْتَ فِي وَثَاقِه فَاخْزُنْ لِسَانَكَ كَمَا تَخْزُنُ ذَهَبَكَ ووَرِقَكَ)([4]).
وأيضاً أن قلة الكلام تحافظ على النعمة من الزوال؛ لأن لو تكلم الفرد بكلامٍ لا يرضي الله تعالى سيحاسبه (عز وجل) عليه وممكن أن يكون حسابه له بسلب النعمة منه وجلب النقمة إليه، ، حيث قال الإمام علي (عليه السلام):
(فَرُبَّ كَلِمَةٍ سَلَبَتْ نِعْمَةً وجَلَبَتْ نِقْمَةً)([5]).
وأن لا يتدخل في أمور الناس، أو يكون فضولياً في الأسئلة عنها، حيث روي عن الإمام علي (عليه السلام) انه مرَّ برجلٍ يتكلم بفضول الكلام؛ فوقف عليه؛ فقال:
"إنك تملي على حافظيك (الملائكة) كتابا إلى ربك؛ فتكلم بما يعنيك"([6]).
وكذلك من كان يعلم أن كثرة كلامه وقلته من أعماله لا يتدخل ولا يتكلم إلا فيما يعنيه، هذا ما بينه الإمام علي (عليه السلام)، إذ أنه قال:
"من علم أن كلامه من عمله، قل كلامه إلاّ فيما يعنيه"([7]).
لأن إذا تكلم بكلامٍ سيء، ذهبت أعماله الصالحة؛ لذلك يكون قليل الكلام إلا إذا كان الأمر يخصه ويعنيه.
[1] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٣ - الصفحة ٢٧٤٠.
[2] نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٤ - الصفحة ٨١.
[3] عيون الحكم والمواعظ - علي بن محمد الليثي الواسطي - الصفحة ٣٧١.
[4] شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٩ - الصفحة ٣٢٢.
[6] روضة الواعظین ج2 ص370.
[7] نهج البلاغة - خطب الإمام علي (ع) - ج ٤ - الصفحة ٨٢.