الحذر من طول الامل
ايها الناس ، ان اخوف ما اخاف عليکم اثنان : اتباع الهوی ، و طول الامل ، فاما اتباع الهوی فيصد عن الحق ، و اما طول الامل فينسی الاخره و ان الدنيا قد تصرمت ، و آذنت بانقضاء ، و تنکر معروفها ، فهی تحفز بالفناء سکانها ، و تحدو بالموت جيرانها ، و قد امر فيها ما کان حلوا ، کدر منها ما کان صفوا ، فلم يبق منها الا سمله کسمله الاداوه او جرعه کجرعه المقله ، لوتمززها الصديان لم ينقع فازمعوا عباد الله الرحيل عن هذه الدار المقدور علی اهلها الزوال ، و لا يغلبنکم فيها الامل ، و لا يطولن عليکم فيها الامد ثواب الزهاد فو الله لو حننتم حنين الوله العجال ، و دعوتم بهديل الحمام ، و جارتم جؤار متبتلی الرهبان ، و خرجتم الی الله من الاموال و الاولاد ، التماس القربه اليه فی ارتفاع درجه عنده ، او غفران سيئه احصتها کتبه و حفظتها رسله ، لکان قليلا فيما ارجو لکم من ثوابه ، و اخاف عليکم من عقابه نعم الله و تالله لو انماثت قلوبکم انمياثا و سالت عيونکم من رغبه اليه او رهبه منه دما ، ثم عمرتم فی الدنيا ، ما الدنيا باقيه ما جزت اعمالکم عنکم و لو لم تبقوا شيئا من جهدکم انعمه عليکم العظام ، وهداه اياکم للايمان .