أهمية المحافظة على حقوق الناس في نهج الامام علي (عليه السلام)

2023.08.24 - 08:22
Facebook Share
طباعة

 يقول الامام علي (عليه السلام):

"جعل الله سبحانه حقوق عباده مُقدِّمة لحقوقه"([1])
إنّ التأمل العميق في هذه الجملة العظيمة، يكشف لنا الكثير من الزيف الذي يعيشه المتديّنون في أيامنا هذه، الذين أساؤوا فهم الشريعة، وضيّعوا روحها، فالله سبحانه جعل حقوقه في الطاعة والعبادة (مقدّمة) لحقوقه، وليس العكس، مما يتاجر به تاجر الدين، الذين يذبحون النّاس ويضيّقون عليهم بحجّة الحفاظ على علاقتهم بالله، فالمقدّمة إذا ضاعت ضاع ما بعدها، ولن يقبل الله تعالى عملاً من عبده إذا ضيّع حقوق النّاس. وحقوق الله مرهونة القبول بتأدية حقوق الناس، فلا قبول لهذه الطاعات في مقابل سلب الناس حقوقهم، وهذا إن دل على شيء فإنّه يدل على قدسية هذه الحقوق وحرمتها، وفي هذا يقول الامام علي (عليه السلام) أيضاً:
"أفضل الجود إيصال الحقوق إلى أهلها"([2])
فالكرم خصلة حميدة في الإنسان، ويحبّ الكثيرون التحلّي بها، فعلى من يحبّ أن يظهر بمظهر الجود والكرم، أن يحافظ على حقوق الآخرين، وأن يوصلها لهم سالمة مصونة، من غير نقصان، وهذا العمل أهون على الإنسان من السّخاء والجود في أوجه عديدة، فأيّهما أسهل مثلاً؟ التكفّل بالأيتام من مالك الشّخصي، أم إيصال حقوقهم لهم وعدم أكل مالهم؟ بالطّبع الحالة الأولى أسهل، ولكنّها مع ذلك تعطي نتيجة أكبر في ميزان الجود والكرم. هنا يتساءل المرء، لماذا يكون الأسهل أفضل؟ الجواب معروف لدى أصحاب العقول، لأن المحافظة على الحقوق من أهمّ مقاصد الشريعة، ثم تأتي بعد ذلك مسألة الحضّ على الخصال الحميدة، وهذا بديهي. ومن الممكن أن ينطبق هذا القول على الحاكم، إذ يكون هو القائم بالحفاظ على حقوق الناس وصيانتها، لأن مقدرات البلد الذي يحكمه وثرواته بيده، وعليه إدارتها بما يضمن إيصال الحقوق بشكل عادل إلى أهلها، ويعد هذا العمل من أفضل أنواع الكرم والجود، وإن من أهمّ واجبات الحاكم التصدي لكل من يحاول أن يمنع الحقوق عن أهلها، وأن يتابع ذلك بنفسه، لأنه هو المسؤول الأول عن تلك الحقوق، وذلك ليحفظ نفسه من الحساب والمسائلة أمام الله وأمام الرعية.


[1]- ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ٦٦٢.
[2]- ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ١ - الصفحة ٤٨٢.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى