About Us

لماذا نحتاج في القرن الواحد والعشرين لـ فكر وفلسفة معلم البشرية وباب مدينة علم الأنبياء جميعا علي بن أبي طالب عليه السلام؟
لماذا "علي" هو الذي يستحق مركزاً للدراسات التي تبحث في فكره وتوثّقه؟
نؤمن، بأن الله تعالى العلي القدير خالق الخلق، أوجد الكون من لا شيء، إذ قال لكل المخلوقات "كوني فكانت"، ونؤمن، أن الله تعالى أوجد كل شيء بالأسباب، وجعل الإنسان سيداً على الكوكب الذي نعيش عليه مع مخلوقات أخرى، وجعل للإنسان الخيار بين أن يصبح أفضل من الملائكة إن اتبع أوامر الله المحفوظة في فطرة الإنسان منذ ولادته، وبين أن يتبع غريزة حيوانية في نفسه قد تنزل به إلى دركٍ أسفل من الحيوانات إن خالف الفطرة الإنسانية التي هي تصرف طبيعي تجاه كل ما هو جميل وطيب وطاهر.
ونؤمن، أن الإنسان في صراعٍ أزلي مع نفسه، فهو إن يقاتل نفسه قتلته، لأن النفس أمّارة بالسوء إلا من رحم ربي، ومن رحم ربي في إيماننا هم كل البشر، لأن أي إنسان مهما أخطأ إن تاب غفر الله له، وإن التزم بفطرته الإنسانية كان أيضاً من المرحومين من الله العلي القدير.
ولأن الله رحيم جعل كل طاهرٍ جميلاً، وجعل لنا عقلاً حراً يختار، فلا فرض علينا إرادته ولا خلقنا لنطيع دون تفكير، بل خلق لنا عقلاً يمكنه الوصول إلى الخالق دون عناء إن التزم بأوامر الله وابتعد عن الذنوب.
ونؤمن، أن الله بعث الأنبياء ليذكروا الإنسان " بشيفرة" موجودة في خلقه وهي " شيفرة" العقل الذي يجنح بالولادة والخلق إلى الخير، لكن الأطماع تأخذه إلى الشر.
ولأن الأنبياء " أمة واحدة" كل منهم جاء برسالة لزمانه إلا محمداً صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله جاء بنفس جوهر رسالة الأنبياء جميعاً لتكون خاتمة الرسالات الإلهية إلى الإنسانية.
وبعد اكتمال الرسالة توفي الرسول بزمنٍ قصير، كانت فيه "جماعة المؤمنين" في بداية تعلمها لمعاني أن يعود الإنسان إلى سمو طهارته النفسية كما يريده خالقه.
ولأن الناس يحتاجون إلى قائدٍ؛ وذاك أمر فطري، ولأن الإنسان يحتاج لنموذجٍ يعلمه ويرشده ويدله إن غلبه الهوى وسوء الصحبة فقد قال رسول الله (ص) للبشرية كلها " أنا مدينة العلم وعلي بابها".، أي إنه دلّ البشر على جوهر الرسالة الناطق لا رسالة النبي الخاتم للرسل؛ بل رسالة كل الرسل، ففي علم النبي ممن علمه أي رب العالمين تعالى عبر الملاك جبرائيل، يوجد علم من سبق من الرسل وعلم تفسير القرآن خاتم الكتب والمصحف الكامل الذي يحتوي كل ما يحتاجه الإنسان ليسموا.
ونحن في هذه المؤسسة نؤمن، بأن الدين هو تذكير وتشريع نموذج من الله تعالى ينزله على الناس رحمةً بهم لكنه لا يبتغي بناء الإمبراطوريات، بل بناء باني الكون أي الإنسان.
فهدف الأنبياء هو بناء الإنسان الكامل، وقد نجح علي بن أبي طالب سلام الله عليه باتباعه الحرفي وتشرّبه الروحي لتعاليم القرآن من رسول الله، أن يصل إلى مرحلة الإنسان الكامل الذي لا يعصي الله في أمر، لا لأنه مخلوق كما الملائكة بلا ذنوب؛ بل لأنه سمى فوق كل الذنوب بالتقوى والقرب من الله، وصعد في ملكوت الله لاحقاً برسول الله صلوات الله عليهما، بالروح إلى السماء الأعلى للنفس البشرية، وهي الزهد بالدنيا واليقين بالله والرغبة في رضاه لا في الجوائز ولا خوفا من عقاب، فجائزة الأنبياء والأتقياء هي القرب والسعادة باليقين بالله تعالى والانسحاق عميقا في محبة الله حتى الرغبة الكاملة في خدمته باعتبار خدمة الله في الدنيا والآخرة هي الجائزة الكبرى والشرف العظيم.
ولهذا نؤمن بأن عليّاً بن أبي طالب، كان معلما للبشرية جمعاء مهما اختلفت قومياتها أو اختلفت أديانها، لأن الدين هو الأخلاق والإسلام هو المحبة والعدل، فإذا ما اتبع الإنسان العدل والإنصاف والتقوى والمحبة ونشرها وعمل على حمايتها فقد دخل في مفهوم الإسلام لإخوان الإنسان ولو كان على أي دين.
فذاك معنى قول الإمام عليه السلام " الناس صنفان، أخٌ لك في الدين أو مثيل لك في الخلق".
ولهذه العظمة نرى أن كثيراً من عظماء الفكر في العالم ممن لا ينتمون إلى قبيلة العرب ولا إلى طوائف المسلمين كتبوا في علي ومدحوا عليّاً وانبهروا في علي عليه السلام.
ونؤمن، أنه بعد وفاة الرسول الأكرم صلوات الله عليه كان يجب أن يصبح عليّاً هو المعلم الثاني بعد رسول الله لجماعة المؤمنين، لأن الجهل لا يمحيه الاعتراف بالشهادتين، بل يحتاج لمثال ونموذج وموجه.
ولأن البشر ميالون للأقوى ويزجرهم الخوف من السلطة فقط كانت النماذج التي أخذت مكان علي في تعليم الأمة البشرية هي التي جرى اتباعها فصار مرجع الناس في النموذج الإيماني هم الأمويين والعباسيين لا العادل التقي النقي الزاهد علي بن أبي طالب.
لكن الإمام لم يتخلف على تعليم البشر، إنما هم من ابتعدوا عنه وهم من لحقوا العصبية والعشائرية والقومية حتى حصروا عليّاً بعد وفاته في أمر من أمرين:
- طوائف متعددة كل منها تدعي الانتساب إليه، وتعتبره بطلها لكنها لم تفهمه حق الفهم ولو فعلت لما بقيت هناك طوائف.
- ومخاصمين هم نقيض علي، فهو الخير وهم الشر وهو العد وهم رموز الظلم وهو صاحب اليقين بالله وهم المشككين بل الكافرين بالله.
هكذا تحولت أعظم فرصة إلهية لبناء الإنسانية على أساس الكمال والعقل والعدل والتقوى إلى فرصة لقبائل وشعوب لتبني بالغزو والشدة، إمبراطوريات تنسب نفسها للإسلام وهي لم تحمل قط من الإسلام سوى اسمه.
لهذا استطاعت قوى الشر أن تحجب الناس عن أنوار الرسالة الإلهية التي تمثلت بعد نبي الله صلوات الله وسلامه عليه بفكر وفلسفة الإمام علي بن أبي طالب.
بالطبع، قد مرت على البشرية شخصيات تاريخية عظيمة وعبقرية وعادلة لكن علي تفوق عليها جميعاً في قدره وقدرته الفكرية والفلسفية، فكانوا كلهم على مدار ألف وأربعمائة عام مشوبين بالنقص والتناقض والقصور.
إلا فلسفة علي وفكر علي، فهو متكامل شامل يرى الناس سواسية وأخوة ، وفلسفته لا تعادي طبقة على طبقة، فهو يجمع بين الكل في أخوة الإنسان بميزان العدل.
لهذا، تجاوز علي بن أبي طالب كل من مارس الحكمة والفلسفة، لأنه لم يدعو سوى إلى كمال الإنسان، ولأن علمه وفلسفته تنبع من فهمه لأعظم كلام ورد إلى البشر، وهو كلام الله تعالى في القرآن الكريم، فهو القرآن الناطق والمثال الحي فكراً وعلماً وترجمةً وتفسيراً لما كان يجب أن تكون عليه مهمة المسلمين في العالم، وهي هداية الناس لا إجبارهم على الدخول بالقوة في طاعة " قبيلة" تزعمت الإمبراطوريات باسم الإسلام.
عليُّ عليه السلام هو صاحب فكر ونموذج مثل الشمس لم تحجبه الغيوم السوداء عن طالبي القرب من الله تعالى، فعرفه فلاسفة العالم ومتّقيه والزاهدين بشرور الدنيا ولم تعرفه أمة عرقية ينتمي إليها بالولادة إلا كبطل قبلي ضيّعوا حق عبقريته القرآنية عليهم فما فهموا حقيقة القرآن منه، ولا عرفوا حقيقة الإسلام عنه، ولا نقلوا سمو الإنسانية عنه، فغرقت تلك الأمة التي اختارها الله للسمو في ضحالة الغزوات والإمبراطوريات حتى سقطت بأيدي أعدائها على قاعدة أن ما يؤخذ بالسيف دون حق يأخذه السيف دون حق.
ولأننا نشعر بعظمة المسؤولية أمام الله تعالى، فقد تداعت قلة قليلة ممن يجمعهم هذا الفهم لإعادة التدقيق في الجهود التي تبذل لعرض فلسفة وفكر الإمام علي عليه السلام للناس فوجدنا أن التقصير بحق البشرية موجب لعقاب الله.
فليس علي لطائفةٍ وليس علي لشعبٍ وليس لقوميةٍ، بل هو مثل رسول الله صلوات الله عليه لكل البشر وللإنسانية جمعاء. وبناء على ما سبق وجدنا أن الواجب يحتم علينا أن نعرض للإنسان في كل مكان فرصةً للسمو بفكر وفلسفة وعقل علي بن أبي طالب، فهلمّوا لتقديم يد العون في النشر والترجمة والتوثيق.
وأما عن التوثيق، فقط بث أعداء علي عليه السلام طوال ألفٍ وأربعمائة سنة الكثير من الأكاذيب، ودسوها فيما ينسب للإمام من قول وفعل وحكمة وشعر، ولأن الشمس لا تشبه شيء آخر فلا يمكن إلا أن نكتشف بسهولة كل الكلام المدسوس على أمير المتقين علي بن أبي طالب، لأن كلامه لا يشبه أي كلام، وبلاغته لا يرتقي إليها الإنسان، وبالتالي أخذنا في هذه المؤسسة على عاتقنا واجب إطلاق مشروع التدقيق والتنقية وإعادة نشر فكر وأقوال الإمام بعد تطهيره من الدسّ والأكاذيب وعبر التوثيق العلمي الذي يقوم به أكاديميون بمعايير أكاديمية.
وبابنا مفتوح للمتطوعين من أي ديانة كانوا ولأي شعب انتموا.
والسلام عليكم يوم ولدتم ويوم تموتون ويوم تبعثون أحياء.