ميّزتان في كلمات الامام علي عليه السلام

2022.02.26 - 09:57
Facebook Share
طباعة

 تمتاز كلمات الإمام أمير المؤمنين (ع) منذ أقدم العصور بميزتين تعرف بهما، وهما: البلاغة: والشمول. ويكفي كل واحدة من هاتين الميزتين فخرا لكلام الإمام وشرفا. ولكن إجتماعهما يعني ورود ذلك الكلام في موارد متفاوتة بل متضادة أحيانا، وهومع ذلك يحتفظ بمعناه وبلاغته أيضا، وهذا هوالذي جعل كلامه (ع) قريبا من حد الإعجاز، ومن هنا أيضا عدّ كلامه (ع) في الحد الوسط بين كلام المخلوق وكلام الخالق فقالوا فيه: «هوفوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق» [١].
١- الفصاحة والجمال:
لا تحتاج هذه الميزة في نهج البلاغة إلى التوضيح لمن كان عارفا بفنون الكلام وجمال الكلمة، فإن الجمال يدرك ولا يوصف. إن لنهج البلاغة اليوم وبعد أربعة عشر قرنا من عهده نفس الحلاوة واللطف الذي كان فيه للناس على عهده، ولسنا نحن الآن في مقام إثبات هذا الكلام، ولكنا- بمناسبة البحث- نورد هنا كلاما في مدى نفوذ كلامه (ع) في القلوب، وتأثيره في تحريك العواطف والأحاسيس، والمستمر من لدن عهده إلى اليوم، مع كل ما حدث من تحول وتغيير في الأفكار والأذواق. ولنبدأ بعهده.
لقد كان أصحابه (ع)- خصوصا من كان منهم عارفا بفنون الكلام- مغرمين بكلامه، منهم (ابن عباس) الذي كان- كما ذكر الجاحظ في (البيان والتبيين)- من الخطباء الأقوياء على الكلام [٢] فإنه لم يكن يكتم عن غيره شوقه إلى إستماع كلامه والتذاذه بكلماته (ع)، حتى أنه حينما أنشأ الإمام خطبته المعروفة بالشقشقية كان حاضرا، فقام إلى الإمام (ع) رجل من أهل السواد- أي العراق- وناوله كتابا، فقطع بذلك كلام الإمام، فقال ابن عباس: «يا أمير المؤمنين لواطردت خطبتك من حيث أفضيت» فقال (ع): «هيهات إنها شقشقة هدرت، ثم قرت» ولم يطرد في كلامه ذاك، فكان ابن عباس يقول: «واللّه ما ندمت على شي‌ء كما ندمت على قطعه هذا الكلام».
وكان يقول في كتاب بعث به إليه الإمام (ع): «ما انتفعت بكلام بعد كلام رسول اللّه (ص) كانتفاعي بهذا الكلام».

 

المصادر

[١] . ابن ابي الحديد في مقدمته ص ٢٤ ج ١ط ابوالفضل .
[٢] . البيان والتبيين ج١ ص ٢٣٠ .
[٣] . نهج البلاغة – الرسائل – رقم : ٢٢ ص ١٤٠ ج ١٥ من شرح النهج لابن ابي الحديد ط ابوالفضل .

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى