الإمام علي (ع) رمز العدالة الاجتماعية

الشيخ الحسين أحمد كريمو

2022.02.26 - 12:28
Facebook Share
طباعة

 يتبيَّن لنا أن أمير المؤمنين (ع) كان ومازال رمزاً للعدالة بأجلى معانيها، وأوضح مبانيها في هذه الأمة، بل في كل الأمم عبر العصور والدهور، وذلك لما ظهر منه من أحكام في طول حياته الشريفة لا سيما في السنوات العجاف التي حكم فيها فقامت قيامة قريش، ونهضوا من كل حدب وصوب وسلوا كل ما لديهم من سيوف الغدر، والمكيدة والحرب وكل ذلك ليس لعلَّة فيه – حاشاه – بل لأنه الحاكم العادل الذي استل سيف الحق وأراد أن يُحقق العدالة في هذه الأمة، فقامت عليه عصابات اللصوص القرشية والأموية.

وذلك لما روي عن ابن عبّاس: أنّ علياً (عليه السلام) خَطب في اليوم الثاني من بيعته بالمدينة، فقال: (ألا إنّ كلّ قطيعةٍ أقطعها عثمان، وكلّ مال أعطاهُ من مال اللَّه، فهو مردود في بيت المال، فإنّ الحقّ القديم لا يبطله شيء، ولو وجدتُه وقد تُزوِّج به النساء، وفُرّق في البلدان، لرددتُه إلى حاله؛ فإنّ في العدل سعة، ومَن ضاق عنه الحق فالجور عليه أضيق).

وقال الكلبي: ثمّ أمر(عليه السلام) بكلّ سلاح وُجِد لعثمان في داره ممّا تقوّى به على المسلمين فقُبض، وأمر بقبض نجائب كانت في داره من إبل الصَّدقة فقُبضت، وأمر بقبض سيفه ودرعه، وأمر ألّا يعرض لسلاح وُجِد له لم يُقاتَل به المسلمون، وبالكفّ عن جميع أمواله التي وُجِدت في داره وفي غير داره، وأمر أن تُرتجع الأموال التي أجاز بها عثمان حيث أُصيبت، أو أُصيب أصحابها.. فبلغ ذلك عمرو بن العاص، وكان بأيلة من أرض الشام، أتاها حيث وثب الناس على عثمان فنزلها، فكتب إلى معاوية: ما كنت صانعاً فاصنع، إذا قشَّرك ابن أبي طالب من كلّ مال تملكه كما تُقشَّر عن العصا لِحاها" (شرح نهج البلاغة: 1/269)

وجاء إليه الأمويون الذي كانوا حكاماً على البلدان يتصرفون فيها كأنها إقطاعيات وملك لهم حتى قال قائلهم: (أرض السواد (العراق) ملكاً لقريش)، وطلبوا منه أن لا يُطالبهم بما في أيديهم من الأموال ويُعطوا له البيعة، فقال لهم: ذلك ليس لي، والمال مال الله والمسلمين، فكيف لي أن أتصرف بما لا أملك أمره، فلحقوا بمعاوية في الشام الذي أعلن العصيان منذ البداية، لأنه قد خطط لهذه الوثبة منذ زمن، وكان يدفع بالأمور لتجري بهذا الشكل بحيث يُقتل عثمان، ليتهم به الخليفة من بعده كائناً مَنْ كان إذا لم يضمن له بقاء سلطانه على الشام، وان يكون مطلق اليد فيها كما أطلقها له الخليفة الثاني، بل وقال له: (لا آمر ولا أنهاك)، وذلك لأنه (كسرى العرب).

وفي الإسلام لا كسروية، ولا هرقلية، ولا ملكاً عضوضاً بل حكمة وعدالة اجتماعية تجعل الحاكم والمحكوم شرع سواء في المال والعطاء، وليس لحد ميزة على أحد كما فعل الخليفة الثاني حيث دقَّ اول اسفين في الحياة الاجتماعية لدولة المسلمين لنه وضع الناس طبقات، وراح يُعطيهم على السابقة والقرابة والجهاد – كما يقولون – فصنع طبقة من قريش فاحشة الثراء في عهد عثمان بن عفان، فكان أحدهم يأخذ من الخليفة الذهب بالبُّهَّار (جلد ثور)، فاجتمع الذهب لديهم حتى صار يُكسر بالفؤوس من بعده حتى مجلت أيدي العمال من ذلك كعبد الرحمن بن عوف.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى