الإِمَامُ عَلِيُّ (ع): رَمْزُ الْعَدَالَةِ الْاجتِمَاعِيَّةِ وَفَخْرُ الْمُسلِمِين: تقديم إنساني

الشيخ الحسين أحمد كريمو

2022.02.26 - 11:41
Facebook Share
طباعة

 الحديث عن الإنسان يجب أن ينطلق من أسِّه وأساسه، وأصله الذي خُلق منه ولأجله من اليوم الأول لإيجاده في هذه الدنيا، فربنا سبحانه قال: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا) (الإسراء: 71)

فالإنسان مخلوق مُكرَّمٌ؛ أي أنه كريم على الله خالقه، وذو كرامة في هذه الحياة، ومن تلك الكرامة أن فضَّله الله على غيره من المخلوقات، بل وجعله محور هذا الكون تأكيداً لكرامته وتقديماً له على غيره، وأكرمه نفساً وذاتاً، بأن وهبه نعمة العقل والإرادة فاكتملت النعم الشخصية فيه.

ولكن ذلك لا يكفي ليتصدَّر قائمة المخلوقات لما فيه من الغرائز، والشهوات، والنزعات التي تشدُّه إلى الأرض فيتسافل، ويتدنَّى، فجعل له عقلاً من خارجه، يُسدده ويُؤيده ويرشده إلى المناهج السليمة ومواطن الكرامة والإنسانية، وذلك بالأنبياء والأوصياء والكتب المنزلة من السماء.

وبذلك يكون قد اكتملت الرسالة السماوية لإنقاذ هذا الإنسان المعذَّب في هذه الدنيا، فعندما يلتقي نبي الداخل (العقل)، مع العقل من الخارج (النبي)، يسير الإنسان على هُدى، ونور، ويعيش سعيداً حميداً في أقواله وأفعاله، وربما هذا هو السِّر الذي جعل سياق الآيتين الكريمتين المتقدمتين تذهبان إلى هذا المعنى الدقيق؛ إذ اقترنت كرامة الدنيا بالإمام الذي يقودهم في الآخرة، وهو ما جاء بحديث متواتر عن رسول الله (ص): (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية).

فالإمام هو القائد، والرائد، والدليل المرشد، والنور الهادي للبشر، فهو كالشمس الطالعة في النهار تهب النور وأسباب الحياة للأحياء، وكالبدر المنير في الليالي الحالكات، يُعطي الضياء والبهاء للسائرين في الليل المظلم، وأما الأموات، وفاقدي القابلية كيف يستفيدون من هذا النور وقد حجبوا أنفسهم عنه؟ علماً أن الشمس والقمر لا يُضيرهما الأموات ولا الأحياء، والا المنكرون فكل منهم يُعطي بما عنده، ويفيض غناءه بما فيه.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى