الإمام علي (عليه السلام) حُكْمُ العدالة والعفو

2022.02.21 - 09:15
Facebook Share
طباعة

 في هذه الأيام المباركة يعيش المسلمون ذكرى ولادة سيد البلغاء ونموذج العدل على مرّ التاريخ، الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وإذ يتبارك المسلمون بهذه المناسبة التاريخية الخالدة، إنما هم يستلهمون من سيرة الإمام العطِرة معاني وسلوكيات وأخلاقيات العدالة، وتطبيق سياسة العفو واللين في الحياة السياسية.

الأمة التي يشعُّ تاريخها بهذه الشخصية العملاقة، لابد أنها تكون في مقدمة الأمم من حيث التعامل بسياسة العدل، لأن الدروس العظيمة التي قدّمها الإمام علي (ع)، في السياسة والعدالة والقيم المضيئة، كفيلة بجعل الأمة في القمة دائما، شرط أن يتخذ قادتها اليوم من سيرة الإمام علي (ع) طريقا ونموذجا لهم.

فالإسلام في أوج ظهوره إبّان إعلان الرسالة النبوية، قام على ركيزة بالغة القوة والأهمية، ألا وهي ركيزة العدل غير المنقوص أو العدل الكامل، مقرونا بالحفاظ على كرامة الناس من الانتهاك والفقر والاستبداد، بالإضافة إلى التزام قيم العفو واللين والحق، مع التمسك بالصمود وتوفير أسباب القوة ضد الباطل بكل أشكاله ومصادرهِ.

وقد انتهج هذه السياسة وهذه القيم العظمى، الإمام علي عليه السلام، حيث درسها وتعلّمها من أستاذه الرسول الأكرم (ص)، فكان النموذج الأدقّ في تطبيق القيم والمبادئ التي قام عليها حكم الرسول (ص)، حيث العدالة الكاملة، والعفو عند المقدرة، واللين مع من يخطئ، والإنصاف الذي يُحقّ حقوق الناس دونما تفضيل بينهم، مع أهمية إعداد ما يلزم من قوة وتنظيم وإيمان في مواجهة من يسعى لإلحاق الأذى بالمسلمين.

وكان للمسلمين وللبشرية النموذج الحي في تطبيق العدالة مع الجميع، ففي سياسة الإمام علي الكل سواسية أما العدل، لا فرق بين الصديق والعدو، كلهم يتم تطبيق القانون الإسلامي عليهم، فحين عرف الإمام (ع) بأن بن ملجم قاتلهُ، وأنه سوف يقوم بهذه الفعلة الشنيعة، وأخبره بنفسه حين قال له بوضوح تام (أنت قاتلي)، تأكيدا على كشف عداوته للإمام مع أنه قائد المسلمين الأعلى، لكنه لم يتّخذ إجراءً بالضد منه، لأنه لم يرتكب جريمته بعد.

إن سياسة الإمام علي (ع) ومنهجه القائم على العدالة وفق فلسفة خاصة، طبعت حكمهِ بهذه الفلسفة التي ترفض أسلوب الابتداء بالعنف بشكل مطلق، فالإمام (ع)، أخذ من أستاذه ومربيه الرسول الأكرم (ع) نبذ العنف وعدم اللجوء إليه إلا حين يكون مانعا لخطر يهدد حياته وحياة المسلمين، فكانت هذه الفلسفة الكبيرة والعميقة التي أقصتْ العنف، وضاعفتْ من قوة منهج العفو واللين الذي هو المرتكز الأهم في سياسة الإسلام.

لم يكن منهج العدل عند الإمام علي (ع) مقتصرا على التعامل مع الأعداء، أو معالجة ظروف الحرب، بل هو منهج يشمل جميع المجالات والعلاقات والتعاملات، ولهذا أصبح منهج حياة للمسلمين، وضبط العلاقة بين الحاكم والمحكوم التي تأسست في عهد الرسول (ص) على العدالة مع الجميع، لتستمر في منهج الإمام علي

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى