شعر للإمام عليّ (عليه السلام) في الصفات الإلهية

2022.01.25 - 12:06
Facebook Share
طباعة

من أروع القصائد المنسوبة لأمير المؤمنين عليه السلام، تصف القدرة الربانيّة العليّة، والحضرة الإلهيّة البهيّة، بما يعجز عنه عقل الإنسان من الوصف والتصوير، فكأنّ مولانا سلام الله عليه قد سمع من رسول الله (ص) عليه وسلم ما شاهده في رحلة الإسراء والمعراج، وما يوجد في العوالم الربّانية من عظيم الخلق والقدرة. وتتسم هذه القصيدة العظيمة بسمات لا تجدها في الشعر العربي ولا الإنساني عموماً، فهي تقرير مطّلع عن أجواء لم يعاينها أحد، يصفها الإمام عليه السلام بمنتهى الروعة والدّقة، وهذا ما سنستعرضه معا:
أولاًـ يُفرّق مولانا أمير المؤمنين بعبقريّة الوصف الدّقيق، ما بين الخالق والمخلوق، فالخالق موكّل بالحق دون نسبيّة أو عواطف، أمّا المخلوق فله قلب وعاطفة ربّما تجعله يحيد عن الحق أحياناً:
قـــد كـنــت يـــا سـيــدي بالـقـلـب مـعـروفــا        ولــــم تــــزل ســيــدي بـالــحــق مـوصــوفــا
 
ثانياً- يشير الإمام عليه السلام إلى حقيقة علميّة عظيمة، وهي أنّ الله سابق لوجود النّور، وهو الذي أوجده، وباعتبارعدم وجود النور فهذا دليل أيضاً على عدم وجدو الظلام، لأن الظلام دليل على النور وليس العكس:
 
وكــنـــت إذ لــيـــس نـــــور يـسـتـضــاء بـــــه        ولا ظــــــلام عـــلـــى الآفـــــــاق مـعــكــوفــا
 
ثالثا- تخصيص أهل البيت (عليهم السلام) بالتكريم ومشاهدة هذه الألطاف الرّبانيّة دوناً عن خلقك كلّهم، ما تجسدّ منهم أمام أعيننا، وما يمكن أن نتخيله بالأوهام، فرسول الله (ص) هو الإنسان الوحيد الذي أعطاه الله السلطان كي ينفد من أقطار السماوات والأرض، فيشاهد ما شاهد من عظيم خلق الله، ويحدّثنا به، ونرويه في هذه الأبيات العظيمة:

فـربــتــنــا بــــخــــلاف الــخـــلـــق كــلـــهـــم        وكـــل مــــا كــــان فــــي الأوهــــام مـعـروفــا
 
رابعاً- في التشبيه: من يستطيع أن يشبّهك يا ربُّ، وأنت الذي ليس كمثلك شيء، فكل تشبيه هو عاجز عن بلوغ عظمتك، ومقيّد بالزمان والمكان والنّقص، وأن منزّه عن كلّ ذاك:

ومــــن يُــــرده عــلــى التـشـبـيـه مُـمـتـثــلاً        يــرجــع أخــــا حــصــر بـالـعـجـز مـكـنـوفـا([1])

خامساً- في المعارج إلى السماوات العلا، تصادف ذاك السديم الطاقي العظيم من قدرة الله، وكأنّه موج تتلاعب به الرّياح، لكنّه موج طاقيّ عظيم، له أشكال بديعة تسلب الألباب:
وفــــي الـمـعــارج تـلــقــى مـــــوج قــدرتـــه        مـوجــاً يـعــارض صـــرف الـريــح مكـفـوفـا
 
سادساً- ينطلق أمير المؤمنين عليه السلام من وصف جلال الله إلى النّصح للإنسان، بأن يترك أولئك الذين لا يؤمنون بالله، فقد أصبحوا موطناً للشكوك والريب، ولا ينفع معهم هدى، وصاحب ذا دين وعقيدة راسخة يحبّ الله، قد أولاه ربّه بالمقابل بالكرامة والعناية:

فــاتــرك أخــــا جــــدل بـالــديــن مُـشـتـبـهـاً        قـــد بـاشــر الـشــك مــنــه الــــرأي مــؤوفــا
واصــحـــب أخـــــا مِــقـــة([2]) حــبـــاً لــســيــده        وبـالـكـرامــات مـــــن مـــــولاه مـحـفـوفــا
 
سابعاً- يقول أمير المؤمنين، أنّ الله أنعم على أهل الأرض بالهدى عن طريق نبيّه المصطفى (ص)، الذي نشر الرسالة في الأرض، أما في السّماء فكلّ شيء جميل ومعروفا لصاحب العقل:
أمسـى دليـل الـهـدى فــي الأرض منتـشـراً        وفـــي الـسـمــاء جـمـيــل الــحــال مـعـروفــا
 
 
 
 
 
 
 
وينسب إليه عليه السلام: [البحر المتقارب]
 
يطمئن الإمام (عليه السلام) أهل الذنوب أن الله غفور رحيم، فلا ييأسوا أو يقنطوا من المغفرة، ولكن مع ذلك علينا ألا نركن إلى رحمة الله فقط، بل علينا أن نعمل لحياتنا الأخرى ما استطعنا، لأن الطريق إليها لغير المتحضّرين لها مخيف مرعب:
 
أيـــــــا صـــاحــــب الــــذنــــب لا تــقــنــطــنّ        فـــــــــــــــــإن الإلــــــــــــــــــه رؤوف رؤوفْ
ولا تــــرحـــــلـــــنّ بـــــــــــــــلا عُـــــــــــــــدّة        فـــــــإن الــطـــريـــق مَــــخــــوف مَــــخــــوفْ
 




[1]محاطاً
[2] الحب
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى