الشورى بين الامة في نهج وسيرة الامام علي (ع)

2021.11.15 - 07:35
Facebook Share
طباعة

 الشورى في نهج ومفهوم الامام علي (ع)

 
يظهر التوجه للتشاور مع الرعية في الكثير من كلام الامام علي (ع) حيث يذكر التوجيهات للولاة والعاملين بخدمة الناس ويوجههم لمجالسة ذوي الحاجات مباشرة ودون التعالي والرسميات حتى يتكموا من شرح مسائلهم وقد فضل بتةجهاته العامة على الخاصة حيث يقول الإمام علي ( ع )
: ( إنّ سخط العامّة يجحف برضى الخاصّة ، وإن سخط الخاصّة يفتقر إلى رضى العامّة ، وليس أحد أثقل على الوالي من الرعية مۆونة في الرخاء ، وأقل معونة في البلاء ، وأكره للإنصاف ، وأسأل بالإلحاف ، وأقل شكراً على الإعطاء ، وأبطأ عذراً عند المنع ، وأضعف صبراً عند ملمّات الدهر من أهل الخاصّة ، وإنّما عماد الدين وجماع المسلمين والعدة للأعداء : العامّة من الأمّة ، فليكن صفوك لهم وميلك معهم ) .
وقوله: إنّما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده ، وإذا كان الإمام ( ع ) قد أخذ بالشورى كما وضّح ، فمن الطبيعي أن نراه نصير الحرية يهيب بابنه ( ولا تكن عبد غيرك ، وقد خلقك الله حرّاً ) ، وأن نراه رافع لواء المساواة لا يزال يذكرها ويوصي بها ، ويقول لمن يوليه : ( وآس ـ وساو ـ بينهم في اللحظة والنظر حتّى لا يطمع العظماء في حيفك لهم ، ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم ) .
وقول في موضع آخر :( الناس ثلاثة : فعالم ربّاني ، ومتعلّم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق ) .
ووصف الغوغاء في موضع آخر من أنّهم إذا اجتمعوا غلبوا ، وإذا تفرّقوا لم يعرفوا .
وقيل : وصفهم بأنّهم إذا اجتمعوا ضرّوا ، وإذا تفرّقوا نفعوا ، لأنّ كل صانع ينصرف إلى عمله فيحصل النفع ، وقد وضع الإمام إصبعه على آفة وطبيعة من آفات ، وطبائع الجماهير هي سرعة التقلّب ، تلك الخاصّة الجماهيرية التي وضّحها ( شكسبير ) أبلغ إيضاح في ( يوليوس قيصر ) ، وكذلك أصاب في أن اجتماعها غلبة ، وتفرّقها ضياع ، وفي أنّ اجتماعها قد يكون في بعض الأحايين مجلبة للضرر ، كما أنّ تفرّقها مجلبة للنفع ، لانصراف كل عامل إلى عمله ، وهذه النظرة إلى الجماهير قد تبدو متعارضة بعض التعارض مع ما سبق من رأيه فيهم ، ولكن بيان نقص الغوغاء لا يستلزم استبعاد رأيهم .
 
 عرض ( عليه السلام ) الصفات الواجب توفّرها في الإمام فقال : 
فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه للناس  من نصّب نفس.
وحدّد العلاقة بين الراعي والرعية فقال :
 ( أيّها الناس إنّ لكم عليّ حقّاً ولي عليكم حق ، فأمّا حقّكم عليّ فالنصيحة لكم ، وتوفير فيئكم ، وتعليمكم كيلا تجهلوا ، وتأديبكم كيما تعلموا ، وأمّا حقّي عليكم فالوفاء بالبيعة ، والنصيحة في المشهد والمغيب ، والإجابة حين أدعوكم ، والطاعة حين آمركم ) .
ولنلاحظ هنا أنه ( عليه السلام ) يجعل من حقّه على الشعب أن ينصحه الشعب ، وقد وجه قومه عندما أكثروا من مدحه  :
( لا تكلّموني بما تكلّمون به الجبابرة ، ولا تتحفّظوا منّي بما يتحفّظ به عند أهل البادرة ، ولا تخالطوني بالمصانعة ، ولا تظنّوا بي استثقالاً في حق قيل لي ، ولا التماس إعظام لنفسي ، فإنّه من استثقل الحق أن يقال له ، والعدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه ، فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل ، فإنّي لست بنفسي يفوق أن أخطئ ) .
وكان ( عليه السلام ) يلزم الولاة بأن يعيشوا عيشة جمهور الشعب لكيلا ( يتبيّغ بالفقير فقره ) أي لكيلا يسخط الفقير لفقره ، وليتعزّى بحال أميره : ( أأقنع من نفسي بأن يقال أمير المۆمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر ، أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش ) .
ونصح علي ( عليه السلام ) الولاة بقوله مۆكّداً لأحدهم : ( ولا يطولن احتجابك عن رعيتك ) .
وقال ( عليه السلام ) : ( إنّه ليس شيء أدعى إلى حسن ظن راع برعيته من إحسانه إليهم ) .
كان حيكماً بعيد النظر : ( ولا تنقض سنّة صالحة عمل بها صدور هذه الأمّة واجتمعت بها الألفة وصلحت عليها الرعية ) .
: ( إنّ شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيراً ، ومن شاركهم في الآثام فلا يكونن لك بطانة ، فإنّهم أعوان الآثمة وإخوان الظلمة ، وأنت واجد منهم خير خلف ممّن له مثل آرائهم ونفاذهم ، وليس عليه مثل آصارهم وأوزارهم ، ثمّ ليكن عندك آثرهم أقولهم بمرّ الحق لك ) .
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى