معالجة الجريمة واثارها في نهج الامام علي (ع)

2021.10.15 - 09:02
Facebook Share
طباعة

 إن الأمور الأساسية التي سعى الامام علي (ع) إلى تحقيقِها في دولتهِ، ركزت على تحقيق الامن والاستقرار وذلك عبرِ إقامةِ الحُدود على المُعتدين التي كانَ لها أثرٌ في اختفاءِ بوادر الانْحراف والفساد 

: أثر تطبيق عقوبة القصاص والدية
إن اللهَ سبحانه وتعالى خلقَ الإنسان وكرمه، وسخر له مَا في السّماوات وما في الأرض وجعله خليفة عنه.
فجريمة القتل تُعد جريمة عامّة لا تخص المَجني عليه فقط، لذلك عدّها الإمام علي (ع)  من الكبائرِ إذ يقول: من ((الكبائر.. الكفر بالله، وقتل النفس)) .
وحذر الإمام علي(ع) من ارتكابِها بقوله: ((ثلاثة لا يدخلونَ الجّنة، سفاك الدم، وعاق والديه، ومشاء بالنّميمة)) ، وذلك لما لهذهِ الجّريمة من الخطرِ الكبير على الفردِ والمُجْتمع، لذا كانَ الإمامُ علي(ع) شديدا وحاسما في تنفيذِ العقوبةِ على مَن اعتدى على الآخرين سواء بالقتل أو الجرح، فقد روي عنه  (ع) أنّه ((قتلَ حرًا بعبدٍ قتله عمدًا)).
وكذلك أنّه كانَ يَقتص من جسدِ الذي جرحَ الآخرين واعتدى عليهم بمثلِ ما فعل، 
وإن لهذهِ العُقوبات أثرها في تحقيقِ الرّدع والزّجر في المُجتمع، ((لأن مَن هم بالقتلِ يعرفُ أنّه يقتص منه، فكف لذلك عن القتلِ، كانَ حياة للذي كان همّ بقتله، وحياة لهذا الجاني الذي أرادَ أن يقتل، وحياة لغيرهما مِن النّاس إذا علموا أن القصاص واجب لا يجسرونَ على القتلِ مخافة القصاص)).
وقد أشارَ الإمامُ علي (ع) إلى أبعاد هذه العقوبة بقوله: ((فرضَ الله... القصاص حقنا للدماء)) ، فإذا وَقعت الجّريمة وحَصلَ القتل أو الجرح عَمدا، فإن المجني عليه أو أولياءه يثورُ غضبهم للأخذِ بثأرِهم، ولا يدفعُ ذلك عنهم إلا القصاص دونَ العُقوبات الأخرى، لأن القصاص هو الّذي يشفي غيظ المجني عليه إذا مُكن مِن مُعاقبة الجّاني بمثلِ ما صنعَ به، ويشفي غيظ أولياء المَقتول؛ لأنّهم تمكنوا من الأخذ بحقّهم، إلا إذا حصلَ التأثير عليهم بترغيبِهم بالمالِ أو الثواب فيعفو عن القصاص، وشفاء غيظ المجني عليه أمر لابدّ منه، لأن إهماله يفتح القتل بالثأر  ، وقد وصفَ الإمامُ (ع) ذلك  بقوله: ((لكلّ دم ثائرا...)).
وإلى جانبِ القَصاص شَرّعت الشّريعة الإسلامية باب العفو عن القصاصِ، مع جواز أخذ أولياء الدم الديّة مِن الجاني، ((قالَ الامام علي (ع): أن القاتل منهم عمدًا إن شاء أولياء المقتول أن يَعفوا عَنه فعلوا، وإن شاؤا قبلوا الديّة، قالَ الله عز  وجل: (ذَلِكَ تَخْفِيْفٌ مِن رَّبِكُمْ وَرَحْمَةٌ).
وإن الأصل في عقوبةِ الديّة هو ثبوتها في القتلِ والجرح شبه العمد والخطأ، قال تعالى: )وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ ، إذ تعد حق للمجني عليه، وقد أكدَ الإمامُ علي (ع) على هذا الحق في كثيرٍ مِن أقوالهِ منها ما جاء في عهدهِ إلى مالك الأشتر: ((ِيَّاكَ والدِّمَاءَ وسَفْكَهَا بِغَيْرِ حِلِّهَا....وإِنِ ابْتُلِيتَ بِخَطَإٍ - وأَفْرَطَ عَلَيْكَ سَوْطُكَ أَوْ سَيْفُكَ أَوْ يَدُكَ بِالْعُقُوبَةِ - فَإِنَّ فِي الْوَكْزَةِ فَمَا فَوْقَهَا مَقْتَلَةً - فَلَا تَطْمَحَنَّ بِكَ نَخْوَةُ سُلْطَانِكَ - عَنْ أَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ)).
وان لهذهِ العُقوبة الأثر الكبير في تقويةِ الروابط الاجتماعية بينَ الأفراد، ونستطيعُ أن نَلتمس ذلك الأثر مما ورد في الرّوايات عن الامام علي (ع) قضى في قتلِ الخطأ بالديّة على العاقلة..)).
 وبناء على ذلك يظهر أنّ لعقوبةِ القصاص والديّة أثرا في اختفاءِ العداوةِ والبغضاء بينَ أفراد المُجتمع، إذ إن في القصاص إرضاء لولي الدم، وإخماد لغيضه، وفي الديّة يتحققُ الصّلح والتّكافل الاجتماعي مما يجعلُ لهذه العُقوبات أثرًا في تحقيقِ الأمن والاستقرار الاجتماعي بين الأفراد
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى