الامام علي (ع) : العدالة في معناها ج1

2021.09.30 - 09:36
Facebook Share
طباعة

 روي عن أبي إسحاق الهمداني، قال: إن امرأتين أتتا علياً (عليه السلام) عند القسمة: إحداهما من العرب، والأخرى من الموالي، فأعطى كل واحدة خمسةً وعشرين درهماً وكُرّاً من الطعام، فقالت العربية: يا أمير المؤمنين، إني امرأة من العرب وهذه امرأة من العجم؟!
فقال علي (عليه السلام): (والله، لا أجد لبني إسماعيل في هذا الفيء فضلاً على بني إسحاق).
وخطب أمير المؤمنين (عليه السلام) يوماً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
(أيها الناس، إن آدم لم يلد عبداً ولا أمةً، وإن الناس كلهم أحرارٌ، ولكن الله خول بعضكم بعضاً، فمن كان له بلاءٌ فصبر في الخير فلا يمن به على الله عزوجل، ألا وقد حضر شيء ونحن مسوُّون فيه بين الأسود والأحمر).
فقال مروان لطلحة والزبير: ما أراد بهذا غيركما؛ قال: فأعطى كل واحد ثلاثة دنانير وأعطى رجلاً من الأنصار ثلاثة دنانير، وجاء بعدُ غلام أسود فأعطاه ثلاثة دنانير. فقال الأنصاري: يا أمير المؤمنين هذا غلامٌ أعتقته بالأمس، تجعلني وإياه سواءً؟!
فقال (عليه السلام): (إني نظرت في كتاب الله فلم أجد لولد إسماعيل على ولد إسحاق فضلاً).
جاء في العهد الشريف إلى محمد بن أبي بكر (رضوان الله عليه):
(فاخفض لهم جناحك، وألن لهم جانبك، وابسط لهم وجهك، وآس بينهم في اللحظة والنظرة؛ حتّى لا يطمع العظماء في حيفك لهم، ولاييأس الضعفاء من عدلك عليهم، فإنّ الله تعالى يُسائلكم معشر عباده عن الصغيرة من أعمالكم والكبيرة، والظاهرة والمستورة، فإنّ يعذّب فأنتم أظلم، وإن يعف فهو أكرم).
وكتب الإمام (عليه السلام) لوال آخر من ولاته:
(سَعِ الناس بوجهك ومجلسك وحكمك، وإيّاك والغضب؛ فإنّه طيرة من الشيطان، واعلم أنّ ما قرّبك من الله يباعدك من النار، وما باعدك من الله يقربك من النار)
.
وفي مرة وصلته (عليه السلام) أخبار عن أحد ولاته وهو عثمان بن حنيف ـ واليه على البصرة ـ أنّه حضر مأدبة لأحد أغنياء البصرة، فخشي الإمام (عليه السلام) أن ينجذب واليه إلى هذا الشكل من الحياة، وإلى هذا النمط من الرجال؛ فينحرف عن الحقّ ويهمل قيم العدالة والمساواة، فكتب إليه:
(أمّا بعدُ يا بن حنيف، فقد بلغني أنّ رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة، فأسرعت إليها، تُستطاب لك الألوان وتُنقل إليك الجفان، وما ظننتُ أنّك تجيب إلى طعام قومٍ عائلهم مجفو وغنيهم مدّعو!! فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضّم، فما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه. ألا وإن لكل مأموم إماماً يقتدي به ويستضيء بنور علمه، ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ومن طعمه بقرصيه، ألاّ وإنّكم لا تقدرون على ذلك؛ ولكن أعينوني بورعٍ واجتهاد وعفّةً وسداد).


المصادر: الكافي – نهج البلاغة

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى