ماذا قال ميخائيل نعيمة في الامام عليه السلام؟

2020.08.24 - 10:22
Facebook Share
طباعة

 

 
يقول ميخائيل نعيمة:
 
سيد العرب على الاطلاق بلاغة وحكمة وتفهما للدين وتحمسا للحق وتساميا عن الدنايا. فأنا ما عرفت في كل من قرأت لهم من العرب رجلا دانت له اللغة مثلما دانت لإبن ابي طالب، سواء في عظاته الدينية وخطبه الحماسية ورسائله التوجيهية، او في تلك الشذور المقتضبة التي كان يطلقها من حين الى حين مشحونة بالحكم الزمنية والروحية، متوهجة ببوارق الإيمان الحي ومدركة من الجمال في البيان حد الإعجاز، فكأنما اللآلىء بلغت بها الطبيعة حد الكمال، وكأنه البحر يقذف بتلك اللآلىء دونما عنت او عناء.
 
ليس بين العرب من صفت بصيرته صفاء بصيرة الإمام علي، ولا من أوتي المقدرة في إقتناص الصور التي انعكست على بصيرته وعرضها في إطار من الروعة هو السحر الحلال. حتى سجعه، وهو كثير، يسطو عليك بألوانه وبموسيقاه ولا سطو القوافي التي تبدو كما لو انها هبطت على الشاعر من السماء، فهي ما اتخذت مكانها في اواخر الأبيات إلا لتقوم بمهمة يستحيل على غيرها القيام بها. إنها هناك لتقول اشياء لا تستطيع كلمات غيرها ان تقولها، كالغلق في القنطرة. إن عليا لمن عمالقة الفكر والروح والبيان في كل زمان ومكان".
 
واضاف:
تكلم أمير المؤمنين عليه السلام بتسع كلمات ارتجلهن ارتجالا فقأن عيون البلاغة وأيتمن جواهر الحكمة وقطعن جميع الانام عن اللحاق بواحدة منهن :
 
ثلاث منها في المناجاة وثلاث منها في الحكمة وثلاث منها في الأدب ؛ فأما اللاتي في المناجاة فقال:
 
الهي كفى بي عزا أن أكون لك عبدا وكفى بي فخرا أن تكون لي ربا أنت كما احب فاجعلني كما تحب .
 
وأما الللاتي في الحكمة فقال:
 
قيمة كل امرء ما يحسنه وما هلك امرء عرف قدره والمرء مخبوت تحت لسانه .
 
واللاتي في الأدب فقال:
 
أمنن على من شئت تكن أميره ، واستغن عمن شئت تكن نظيره واحتج الى من شئت تكن أسيره .
 
هل كان علي عليه السلام من عظماء الدنيا ليحق للعظماء أن يتحدثوا عنه،أم ملكوتيا ليحق للملكوتيين أن يفهموا منزلته؟
لاي رصد يريد أن يعرفوه أهل العرفان غير رصد مرتبتهم العرفانية؟
وبأية مؤونة يريد الفلاسفة سوى ما لديهم من علوم محدودة؟
 
ما فهمه العظماء والعرفاء والفلاسفة بكل ما لديهم من فضائل وعلوم سامية إنما فهموه من خلال وجودهم ومرآة نفوسهم المحدودة،وعلي غير ذلك.
 
المصدر: جورج جرداق - علي صوت الانسانية
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى