قالوا في علي (ع) ج6

2020.07.21 - 03:55
Facebook Share
طباعة

قال جورج جرداق في الإمام علي "ع":
تحدَّث جرداق عن الإمام علي بكثير من اللهفة والحبُ، وأسهب في ذلك في كتابه الإمام علي صوت العدالة الإنسانيَّة، فقال: هل عرفت صاحب سلطان تمرَّد على سلطانه لإقامة الحق في الشعب، وصاحب ثروة أنكر منها إلا القرص الذي يمسك عليه الحياة، وما الحياة لديه إلا نفع إخوانه في الخلق؟ أما الدنيا فلتغر سواه، وقال في كتابة أيضاً: "وليس غريباً أن يكون علي أعدل الناس، بل الغريب أن لا يكون"، وقال: "فقد كان يحسن معاملة من أقام منهم معه، ويعرف أن أحدهم يهم بالخروج فلا يستكرهه، ولا يستبقيه، ولا يرضى بأن يتعرض له من أصحابه أحد، وأضاف: "ويستمر تولّد الأفكار في نهج البلاغة من الأفكار، فإذا أنت أمام حشد منها لا ينتهي، وهو مع ذلك لا يتراكم، بل يتساوق، ويترتب بعضه على بعض، ولا فرق في ذلك بين ما يكتبه علي، وبين ما يلقيه ارتجالا، فالينبوع هو الينبوع، ولا حساب في جريه لليل أو نهار"، وفي حديثه عن عدالة الإمام علي "ع"، نشرت مجلَّة الرافدين عن جرداق قوله: "أمَّا العدل في الرعيَّة، العدل الذي هو أساس الملك، فهو ينعكس من الجالس على العرش، وقد عرفت أرباب العروش الأموية، وفيهم العاجز، والسفيه، والخليع، والسكير، والظالم، ولا نغفل عن أسلوب بني أميّة المستهجن في شتم علي ابن أبي طالب، وبنيه على منابر الأمصار.


2. الجاحظ والإمام علي:
نقل الجاحظ عدّة خطب للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه البيان والتبيان، واقتطف الجاحظ مائة كلمة من كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) قبل أن ينقلها السيد الرضي، فيما عمد رشيد الوطواط، وابن ميثم البحراني، إلي شرح هذه الباقة التي جمعها الجاحظ، ووصف الجاحظ هذه الكلمات قائلاً: "إن كل كلمة منها تفي بألف من محاسن كلام العرب"، وكان من تأليفات الجاحظ أيضاً، كتاب باسم "مائة من أمثال علي عليه السلام".


3. الأديب والخطيب ابن نباتة والأمام علي:
ابن نباتة، عبد الرحيم بن محمّد بن إسماعيل (م ٣٧٤ هـ)، من أشهر الأدباء، والخطباء المبرزين العرب، تسنّم منصب الخطابة في عهد سيف الدولة في مدينة حلب. يقول ابن نباته في كتابه (سفينة البحار): "حفظت من الخطابة كنزاً لا يزيده الإنفاق إلا سعة وكثرة، وحفظت مائة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب"، وروى ابن نباته الكثير عن الأمام عليّ "ع"، ومنها قول ابن نباتة عن الأمام عليّ "ع" قال: "قال أمير المؤمنين (ع) لرجلٍ: إن كنت لا تطيع خالقك فلا تأكل رزقه. وإن كنت واليت عدوه فاخرج عن ملكه. وإن كنت غير قانعٍ بقضائه وقدره فاطلب ربَّا سواه، وقال عنه "ع": قال أمير المؤمنين (ع): أما بعد فإن الاهتمام بالدنيا غيرُ زائدٍ في المضمون وفيه تضييع الزاد، والإقبال على الآخرة غيرُ ناقصٍ من المقدور وفيه إحراز المعاد وأنشد:
لو كان في صخرةٍ في البحر راسيةٍ
صماءَ ملموسةٍ ملسٍ نواحيها
رزقٌ لنفسٍ براها الله لانفلقت
عنه فأدت إليه كلّ ما فيها
أو كان بين طباق السبع مجمعه
لسهّل الله في المرقى مراقيها
حتى يوافي الذي في اللوح خط له
إن هي أتته وإلا فهو يأتيها


4. كلام ابن أبي الحديد في الأمام علي:
من أهمّ من تحدّث عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) عبر التّاريخ، ويعتبر شرحه لنهج البلاغة مرجعاً لكل من أراد الاستزادة من علم وحكمة أمير المؤمنين. من جملة ما أورده فيه: فهو (عليه السلام) إمام الفصحاء، وسيد البلغاء، وفي كلامه قيل: دون كلام الخالق، وفوق كلام المخلوقين، ومنه تعلم الناس الخطابة والكتابة، ومما قاله أيضاً: "ما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه، ولا كتمان فضائله، فقد علمت أنَّه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام في شرق الأرض وغربها، واجتهدوا بكلِّ حيله في إطفاء نوره، والتحريض عليه، ووضع المعايب والمثالب له، ولعنوه على جميع المنابر، وتوعدوا مادحيه، بل حبسوهم وقتلوهم، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة، أو يرفع له ذكرا، حتَّى حظروا أن يسمى أحد باسمه، فما زاده ذلك إلَّا رفعةً وسموَّا، وكان كالمسك كلَّما ستر انتشر عرفه، وكلَّما كتم تضوع نشره، وكالشمس لا تستر بالراح، وكضوء النهار إن حجبت عنه عين واحدة، أدركته عيون كثيرة !"
وقال أيضاً في شرح نهج البلاغة، الذي جمعه محسن الأمين العاملي في كتابه أعيان الشيعة: أنظر إلى الفصاحة كيف تعطي هذا الرجل قيادها، و تملكه زمامها، فسبحان الله من منح هذا الرجل هذه المزايا النفيسة، والخصائص الشريفة، أن يكون غلام من أبناء عرب مكة لم يخالط الحكماء، وخرج أعرف بالحكمة من‏ أفلاطون وأرسطو، ولم يعاشر أرباب الحكم الخلقية، وخرج أعرف بهذا الباب من سقراط، و لم يرب بين الشجعان لأن أهل مكة كانوا ذوي تجارة، وخرج أشجع من كل بشر مشى على الأرض.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى