الولوج إلى "مدينة العلم" (الجزء الثّاني)

ع.ش.

2020.07.21 - 01:54
Facebook Share
طباعة

 تتواتر الأحاديث عن علم أمير المؤمنين عليه السّلام، المُستقى من أعذب منهل، منهل النّبوّة، فهلموا نتجوّل في مدينة العلم متلمّسين تلك الأنوار العليّة، والعلوم الخالدة. وهاهنا نبذة عن سبق الإمام عليه السّلام علماء القانون بعهود طويلة بقواعد قانونيّة لم يراعها أحد قبله:

- علي عليه السّلام هو أوّل من فرّق بين الشّهود في المحاكمة، روى الصدوق (رحمة الله عليه) عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباته، قال: أتي عمر بن الخطاب بجارية فشهد عليها شهود أنها بغت، وكان من قصتها أنها كانت يتيمة عند رجل، وكان للرجل امرأة، وكان الرجل كثيرا ما يغيب عن أهله، فشبت اليتيمة وكانت جميلة، فتخوفت المرأة أن يتزوجها زوجها إذا رجع إلى منزله، فدعت بنسوة من جيرانها فأمسكنها ثم افتضتها بإصبعها، فلما قدم زوجها سأل امرأته عن اليتيمة، فرمتها بالفاحشة وأقامت البينة من جيرانها على ذلك. قال: فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فلم يدر كيف يقضي في ذلك، فقال للرجل: اذهب بها إلى علي بن أبي طالب، فأتوا عليا (عليه السلام) وقصوا عليه القصة، فقال (عليه السلام) لامرأة الرجل: «ألك بينة؟». قالت: نعم، هؤلاء جيراني يشهدن عليها بما أقول، فأخرج علي (عليه السلام) السيف من غمده وطرحه بين يديه، ثم أمر بكل واحدة من الشهود، فأدخلت بيتا، ثم دعا بامرأة الرجل فأدارها بكل وجه فأبت أن تزول عن قولها، فردها إلى البيت الذي كانت فيه، ثم دعا بإحدى الشهود وجثا على ركبتيه، وقال لها: أتعرفيني، أنا علي بن أبي طالب، وهذا سيفي، وقد قالت امرأة الرجل ما قالت، ورجعت إلى الحق وأعطيتها الأمان فاصدقيني، وإلا ملأت سيفي منك» فالتفتت المرأة إلى علي (عليه السلام) فقالت: يا أمير المؤمنين، الأمان على الصدق. فقال لها عليّ (عليه السلام): «فاصدقي». فقالت: لا والله ما زنت اليتيمة، ولكن امرأة الرجل لما رأت حسنها وجمالها وهيئتها خافت فساد زوجها، فسقتها المسكر، ودعتنا فأمسكناها فافتضتها بإصبعها. فقال عليّ (عليه السلام): «الله أكبر، الله أكبر أنا أول من فرق بين الشهود إلا دانيال». ثم حد المرأة حد القاذف، وألزمها ومن ساعدها على افتضاض ‏اليتيمة المهر لها أربع مائة درهم، وفرق بين المرأة وزوجها، وزوجه اليتيمة، وساق عنه المهر إليها من ماله. فقال عمر بن الخطاب: فحدثنا يا أبا الحسن بحديث دانيال النبي (عليه السلام). وروى ثقة الإسلام الكليني عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (عليه السلام) بعين ما تقدم مع تفاوت في بعض.
- علي والتعزير(الحدّ الأدنى للعقوبة): جاء في البحار: أمر عمر برجل يمني محصن فجر بالمدينة أن يرجم، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «لا يجب عليه الرجم، لأنه غائب عن أهله، وأهله في بلد آخر، إنما يجب عليه الحد». فقال عمر: لا أبقاني الله لمعضلة لم يكن لها أبو الحسن.
- موقف عليّ عليه السّلام من الاعتراف تحت القوّة: روى الجويني في (فرائد السبطين) والخوارزمي في (مناقبه) بسندهما عن ‏زيد بن علي، عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، قال: لما كان في ولاية عمر، أُتي بامرأة حامل، سألها عمر عن ذلك فاعترفت بالفجور، فأمر عمر أن ترجم، فلقيها علي بن أبي طالب، فقال: «ما بال هذه المرأة؟».
فقالوا: أمر بها عمر أن ترجم. فردها عليّ (عليه السلام) فقال له: «أمرت بها أن ترجم»؟ فقال: نعم، اعترفت عندي بالفجور.
فقال: «هذا سلطانك عليها، فما سلطانك على ما في بطنها؟» ثم قال له علي: «فلعلك انتهرتها، أو أخفتها؟».
فقال عمر: قد كان ذلك.
قال عليّ (عليه السلام) «أ وما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: لا حد على معترف بعد بلاء، إنه من قيدت أوحبست، أوتهددت فلا إقرار لها» فخلى عمر سبيلها، ثم قال: عجزت النساء أن يلدن مثل علي بن أبي طالب، لولا علي لهلك عمر. وفي الغدير ج ٦ ص ١١٠نقل بعينه عن (الرياض النضرة) و(ذخائر العقبى) و(مطالب السؤل) و(الأربعين) للفخر الرازي...
يتبع

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى